منتديات عدن سات
قصة صالح عليه السلام نبي ثمود 5wz1qh10
منتديات عدن سات
قصة صالح عليه السلام نبي ثمود 5wz1qh10
الإعلانات
الرجاء الانتظار قليلاً حتى يتم تحميل محرك البحث
مرحباً بك : للتصفح بشكل اسرع للمنتدى قم بتحمل متصفح فرفكس الاصدار الاخير من هنا

<div style="background-color: #000000;"><a href="http://news.rsspump.com/" title="rsspump">news</a></div>
انقر هنا من اجل دعوة اصدقائك على الفيسبوك

قصة صالح عليه السلام نبي ثمود

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

admin
admin




الساعة الآن :
نوع المهنة : قصة صالح عليه السلام نبي ثمود Progra10
نوع المتصفح : قصة صالح عليه السلام نبي ثمود Fmfire10
الهوايات : المطالعة
المزاج : مستمتع
الدولة الدولة : اليمن
المحافظه :
  • محافظة عدن

إحترام قوانين المنتدى إحترام قوانين المنتدى : 1
الجنس الجنس : ذكر
عدد المساهمات عدد المساهمات : 432
نقاظ نشاط العضو نقاظ نشاط العضو : 14014
تقييم العضو تقييم العضو : 16
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 05/06/2013
https://armgedon.yoo7.com

مُساهمةadmin الثلاثاء 18 يونيو - 2:51:44

قصة صالح عليه السلام نبي ثمود Uouou_10
قََََََصَصُ الأنْبِیَاءِ


للإمام ابن الحافظ ابن كثیر


قصة صالح علیه السلام نبي ثمود




وھم قبیلة مشھورة، يقال لھم ثمود باسم جدھم ثمود أخي جديس،
وھما ابنا عاثر بن ارم بن سام بن نوح.
وكانوا عرباً من العاربة يسكنون الحجر الذي بین الحجاز وتبوك وقد مرّ به
رسول الله صلى الله علیه وسلم وھو ذاھب إلى تبوك بمن معه من
المسلمین.
وكانوا بعد قوم عاد، وكانوا يعبدون الأصنام كأولئك.
فبعث الله فیھم رجلاً منھم وھو عبد الله ورسوله: صالح بن عبید بن
ماسح بن عبید بن حادر بن ثمود بن عاثر بن ارم بن نوح فدعاھم إلى عبادة
الله وحده لا شريك له، وأن يخلعوا الأصنام والأنداد ولا يشركوا به شیئاً.
فآمنت به طائفة منھم، وكفر جمھورھم، ونالوا منه بالمقال والفعال، وھموا
بقتله، وقتلوا الناقة التي جعلھا الله حجة علیھم، فأخذھم الله أخذ عزيز
مقتدر.
كما قال تعالى في سورة الأعراف: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاھُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ
اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَیْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَیِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ھَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ
آيَةً فَذَرُوھَا تَأْكُل فِْي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوھَا بِسُوءٍ فَیَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ،
وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُھُولِھَا
قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُیُوتاً فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ،
قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْھُمْ أَتَعْلَمُونَ
أَنَّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ، قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا
إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ، فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّھِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ
ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الْمُرْسَلِینَ، فَأَخَذَتْھُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِھِمْ
جَاثِمِینَ، فَتَوَلَّى عَنْھُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ
لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِینَ}.
وقال تعالى في سورة ھود: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاھُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا
اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَیْرُهُ ھُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِیھَا فَاسْتَغْفِرُوهُ
ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِیبٌ، قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِینَا مَرْجُوّاً قَبْلَ ھَذَا
أَتَنْھَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَیْهِ مُرِيبٍ، قَالَ يَا قَوْمِ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنصُرُنِي مِنْ اللَّهِ إِنْ
عَصَیْتُهُ، فَمَا تَزِيدُونَنِي غَیْرَ تَخْسِیرٍ، وَيَا قَوْمِ ھَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوھَا
تَأْكُل فِْي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوھَا بِسُوءٍ فَیَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ، فَعَقَرُوھَا فَقَالَ
تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَیْرُ مَكْذُوبٍ، فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّیْنَا صَالِحاً
وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ ھُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ، وَأَخَذَ
الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّیْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِھِمْ جَاثِمِینَ، كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِیھَا أَلاَ إِنَّ
ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّھُمْ أَلاَ بُعْداً لِثَمُودَ}.
وقال تعالى في سورة الحجر:{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِینَ،
وَآتَیْنَاھُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْھَا مُعْرِضِینَ، وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُیُوتاً آمِنِینَ،
فَأَخَذَتْھُمْ الصَّیْحَةُ مُصْبِحِینَ، فَمَا أَغْنَى عَنْھُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.
وقال سبحانه وتعالى في سورة سبحان: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ
أَنْ كَذَّبَ بِھَا الأَوَّلُونَ وَآتَیْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِھَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ
تَخْوِيفاً}.
وقال تعالى في سورة الشعراء:{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِینَ، إِذْ قَالَ لَھُمْ
أَخُوھُمْ صَالِحٌ أَلاَ تَتَّقُون، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِیعُونِي، وَمَا
أَسْأَلُكُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِینَ، أَتُتْرَكُونَ فِي مَا ھَاھُنَا
آمِنِینَ، فِي جَنَّاتٍ وَعُیُونٍ، وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُھَا ھَضِیمٌ، وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُیُوتاً
فَارِھِینَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِیعُونِي، وَلاَ تُطِیعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِینَ، الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي
الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ، قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ، مَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ
بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِینَ، قَالَ ھَذِهِ نَاقَةٌ لَھَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ،
وَلاَ تَمَسُّوھَا بِسُوءٍ فَیَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِیمٍ، فَعَقَرُوھَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِینَ،
فَأَخَذَھُمْ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُھُمْ مُؤْمِنِینَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَھُوَ الْعَزِيزُ
الرَّحِیمُ}.
وقال تعالى في سورة النمل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاھُمْ صَالِحاً أَنْ
اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا ھُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ، قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّیِّئَةِ قَبْلَ
الْحَسَنَةِ لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ، قَالُوا اطَّیَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ
طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَل أَْنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ، وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَھْطٍ يُفْسِدُونَ
فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُون، قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَیِّتَنَّهُ وَأَھْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِیِّهِ ثُمَّ
لَنَقُولَنَّ لِوَلِیِّهِ مَا شَھِدْنَا مَھْلِكَ أَھْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ، وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً
وَھُمْ لاَ يَشْعُرُونَ، فَانظُرْ كَیْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِھِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاھُمْ وَقَوْمَھُمْ أَجْمَعِینَ،
فَتِلْكَ بُیُوتُھُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُون، وَأَنجَیْنَا الَّذِينَ
آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.
وقال تعالى في سورة حم السجدة: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَھَدَيْنَاھُمْ فَاسْتَحَبُّوا
الْعَمَى عَلَى الْھُدَى فَأَخَذَتْھُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْھُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، وَنَجَّیْنَا
الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.
وقال تعالى في سورة اقتربت: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ، فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً
نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ، أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَیْهِ مِنْ بَیْنِنَا بَلْ ھُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ،
سَیَعْلَمُونَ غَداً مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرُ، إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَھُمْ فَارْتَقِبْھُمْ
وَاصْطَبِرْ، وَنَبِّئْھُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَیْنَھُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ، فَنَادَوْا صَاحِبَھُمْ
فَتَعَاطَى فَعَقَرَ، فَكَیْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَیْھِمْ صَیْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا
كَھَشِیمِ الْمُحْتَظِرِ، وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَھَل مِْنْ مُدَّكِرٍ}.
وقال تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاھَا، إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاھَا، فَقَالَ لَھُمْ رَسُولُ
اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْیَاھَا، فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوھَا فَدَمْدَمَ عَلَیْھِمْ رَبُّھُمْ بِذَنْبِھِمْ فَسَوَّاھَا،
وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاھَا}.
وكثیراً ما يقرن الله في كتابه بین ذكر عاد وثمود، كما في سورة براءة
وإبراھیم والفرقان، وسورة ص، وسورة ق، والنجم، والفجر.
ويقال أن ھاتین الأمتین لا يعرف خبرھما أھل الكتاب، ولیسلھما ذكر
في كتابھم التوراة. ولكن في القرآن ما يدل على أن موسى أخبر عنھما، كما
قال تعالى في سورة إبراھیم: {وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ
جَمِیعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِیدٌ، أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ
وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِھِمْ لاَ يَعْلَمُھُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْھُمْ رُسُلُھُمْ بِالْبَیِّنَاتِ} الآية.
الظاھر أن ھذا من تمام كلام موسى مع قومه، ولكن لما كان ھاتان الأمتان
من العرب لم يضبطوا خبرھما جیداً، ولا اعتنوا بحفظه، وإن كان خبرھما كان
مشھوراً في زمان موسى علیه السلام. وقد تكلمنا على ھذا كله في
التفسیر مستقصي. ولله الحمد والمنة.
والمقصود الآن ذكر قصتھم وما كان من أمرھم، وكیف نجى الله نبیه
صالحاً علیه السلام ومن آمن به، وكیف قطع دابر القوم الذين ظلموا بكفرھم
وعتوھم، ومخالفتھم رسولھم علیه السلام.
وقد قدمنا أنھم كانوا عرباً، وكانوا بعد عاد ولم يعتبروا بما كان من أمرھم.
ولھذا قال لھم نبیھم علیه السلام: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَیْرُهُ قَدْ
جَاءَتْكُمْ بَیِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ھَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوھَا تَأْكُل فِْي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ
تَمَسُّوھَا بِسُوءٍ فَیَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ، وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ
وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُھُولِھَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُیُوتاً فَاذْكُرُوا
آلاَءَ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} أي إنما جعلكم خلفاء من بعدھم
لتعتبروا بما كان من أمرھم، وتعملوا بخلاف عملھم. وأباح لكم ھذه الأرض
تبنون في سھولھا القصور، {وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُیُوتاً فَارِھِینَ} أي حاذقین
في صنعتھا وإتقانھا وإحكامھا. فقابلوا نعمة الله بالشكر والعمل الصالح،
والعبادة له وحده لا شريك له، وإياكم ومخالفته والعدول عن طاعته، فإن
عاقبة ذلك وخیمة.
ولھذا وعظھم بقوله: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا ھَاھُنَا آمِنِینَ، فِي جَنَّاتٍ وَعُیُونٍ،
وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُھَا ھَضِیمٌ} أي متراكم كثیر حسن بھي ناضج. {وَتَنْحِتُونَ مِنْ
الْجِبَالِ بُیُوتاً فَارِھِینَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِیعُونِي، وَلاَ تُطِیعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِینَ، الَّذِينَ
يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ}.
وقال لھم أيضاً: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَیْرُهُ ھُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ
الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِیھَا} أي ھو الذي خلقكم فأنشأكم من الأرض، وجعلكم
عمارھا، أي أعطاكموھا بما فیھا من الزروع والثمار، فھو الخالق الرزاق، وھو
الذي يستحق العبادة وحده لا ما سواه. {فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ} أي أقلعوا
عما أنتم فیه وأقبلوا على عبادته، فإنه يقبل منكم ويتجاوز عنكم {إِنَّ رَبِّي
قَرِيبٌ مُجِیبٌ}.
{قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِینَا مَرْجُوّاً قَبْلَ ھَذَا} أي قد كنا نرجو أن يكون
عقلك كاملاً قبل ھذه المقالة، وھي دعاؤك إيانا إلى إفراد العبادة، وترك ما
كنا نعبده من الأنداد، والعدول عن دين الآباء والأجداد ولھذا قالوا: {أَتَنْھَانَا أَنْ
نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَیْهِ مُرِيب}.
{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ
يَنصُرُنِي مِنْ اللَّهِ إِنْ عَصَیْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَیْرَ تَخْسِیرٍ}.
وھذا تلطف منه لھم في العبارة ولین الجانب، وحسن تأت في الدعوة
لھم إلى الخیر. أي فما ظنكم إن كان الأمر كما أقول لكم وأدعوكم إلیه؟ ما
عذركم عند الله؟ وماذا يخلصكم بین يديه وأنتم تطلبون مني أن أترك دعاءكم
إلى طاعته؟ وأنا لا يمكنني ھذا لأنه واجب علي، ولو تركته لما قدر أحد
منكم ولا من غیركم أن يجیرني منه ولا ينصرني. فأنا لا أزال أدعوكم إلى الله
وحده لا شريك له، حتى يحكم الله بیني وبینكم.
وقالوا له أيضاً: {إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ} أي من المسحورين، يعنون
مسحوراً لا تدري ما تقول في دعائك إيانا إلى إفراد العبادة لله وحده، وخلع ما
سواه من الأنداد. وھذا القول علیه الجمھور، وھو أن المراد بالمسحرين
المسحورين. وقیل من المسحرين: أي ممن له سحر - وھو الرئي - كأنھم
يقولون إنما أنت بشر له سحر. والأول أظھر لقولھم بعد ھذا: {ما أنت إلا بشر
مثلنا} وقولھم {فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِینَ} سألوا منه أن يأتیھم بخارق
يدل على صدق ما جاءھم به. قال: {قَالَ ھَذِهِ نَاقَةٌ لَھَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ
مَعْلُومٍ، وَلاَ تَمَسُّوھَا بِسُوءٍ فَیَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِیمٍ} كما قال: {قَدْ جَاءَتْكُمْ
بَیِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ھَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوھَا تَأْكُل فِْي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوھَا
بِسُوءٍ فَیَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِیم} وقال تعالى: {وَآتَیْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا
بِھَا}.
وقد ذكر المفسرون أن ثمود اجتمعوا يوماً في ناديھم، فجاءھم رسول الله
صالح فدعاھم إلى الله، وذكرھم وحذرھم ووعظھم وأمرھم، فقالوا له: إن
أنت أخرجت لنا من ھذه الصخرة - وأشاروا إلى صخرة ھناك - ناقة، من
صفتھا كیت وكیت وذكروا أوصافاً سموھا ونعتوھا، وتعنتوا فیھا، وأن تكون
عشراء، طويلة، من صفتھا كذا وكذا، فقال لھم النبي صالح علیه السلام:
أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم، على الوجه الذي طلبتم، أتؤمنون بما جئتكم
به وتصدقوني فیما أرسلت به؟ قالوا: نعم. فأخذ عھودھم ومواثیقھم على
ذلك.
ثم قام إلى مصلاه فصلى لله عز وجل ما قدر له، ثم دعا ربه عز وجل أن
يجیبھم إلى ما طلبوا، فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة
عظیمة عشراء، على الوجه المطلوب الذي طلبوا، أو على الصفة التي نعتوا.
فلما عاينوھا كذلك، رأوا أمراً عظیماً، ومنظراً ھائلاً، وقدرة باھرة، ودلیلاً
قاطعاً، وبرھاناً ساطعاً، فآمن كثیر منھم، واستمر أكثرھم على كفرھم
وضلالھم وعنادھم. ولھذا قال: {فَظَلَمُوا بِھَا} أي جحدوا بھا، ولم يتبعوا الحق
بسببھا، أي أكثرھم، وكان رئیس الذين آمنوا: جندع بن عمرو بن محلاة بن
لبید بن جواس، وكان من رؤسائھم. وھم بقیة الأشراف بالإسلام، فصدھم
ذؤاب بن عمرو بن لبید، والحباب، صاحب أوثانھم، ورباب بن صعر بن جلمس،
ودعا جندع ابن عمه شھاب بن خلیفة، وكان من أشرافھم، فھم بالإسلام
فنھاه أولئك، فمال إلیھم فقال في ذلك رجل من المسلمین يقال له مھرش
بن غنمة بن الذمیل رحمه الله:
وكانت عصبة من آل عمرو *** إلى دين النبي دعوا شھابا
عزيز ثمود كلھم جمیعا *** فھم بأن يجیب ولو أجابا
لأصبح صالح فینا عزيزا *** وما عدلوا بصاحبھم ذؤابا
ولكن الغواة من آل حجر ** *** تولوا بعد رشدھم ذبابا
ولھذا قال لھم صالح علیه السلام: {ھَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ} أضافھا لله سبحانه
وتعالى إضافة تشريف وتعظیم، كقوله بیت الله وعبد الله {لَكُمْ آيَةً} أي دلیلاً
على صدق ما جئتكم به {فَذَرُوھَا تَأْكُل فِْي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوھَا بِسُوءٍ
فَیَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}.
فاتفق الحال على أن تبقى ھذه الناقة بین أظھرھم، ترعى حیث شاءت
من أرضھم، وترد الماء يوماً بعد يوم، وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر
يومھا ذلك، فكانوا يرفعون حاجتھم من الماء في يومھم لغدھم. ويقال أنھم
كانوا يشربون من لبنھا كفايتھم، ولھذا قال: {لَھَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ
مَعْلُومٍ}.
ولھذا قال تعالى: {إنا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَھُمْ} أي اختبار لھم أيؤمنون بھا
أم يكفرون؟ والله أعلم بما يفعلون. {فَارْتَقِبْھُمْ} أي انتظر ما يكون من أمرھم
{وَاصْطَبِرْ} على أذاھم فسیأتیك الخبر على جلیة. {وَنَبِّئْھُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ
بَیْنَھُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ}.
فلما طال علیھم ھذا الحال اجتمع أمرھم واتفق رأيھم على أن يعقروا
ھذه الناقة، لیستريحوا منھا ويتوفر علیھم ماؤھم، وزين لھم الشّیْطان
أعمالھم. قال الله تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّھِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ
ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الْمُرْسَلِینَ}.
وكان الذي تولى قتلھا منھم رئیسھم: قدار بن سالف بن جندع، وكان
أحمر أزرق أصھب. وكان يقال أنه ولد زانیة، ولد على فراش سالف، وھو ابن
رجل يقال له صیبان. وكان فعله ذلك باتفاق جمیعھم، فلھذا نسب الفعل إلى
جمیعھم كلھم.
وذكر ابن جرير وغیره من علماء المفسرين: أن امرأتین من ثمود اسم
إحداھما "صدوقة" ابنة المحیا بن زھیر بن المختار. وكانت ذات حسب ومال،
وكانت تحت رجل من أسلم ففارقته، فدعت ابن عم لھا يقال له "مصرع" بن
مھرج بن المحیا، وعرضت علیه نفسھا إن ھو عقر الناقة. واسم الأخرى
"عنیزة" بنت غنیم بن مجلز، وتكنى أم عثمان وكانت عجوزاً كافرة، لھا بنات
من زوجھا ذؤاب بن عمرو أحد الرؤساء، فعرضت بناتھا الأربع على قدار بن
سالف، إن ھو عقر الناقة فله أي بناتھا شاء، فانتدب ھذان الشابان لعقرھا
وسعوا في قومھم بذلك، فاستجاب لھم سبعة آخرون فصاروا تسعة. وھم
المذكورون في قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَھْطٍ يُفْسِدُونَ فِي
الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ}. وسعوا في بقیة القبیلة وحسنوا لھم عقرھا، فأجابوھم
إلى ذلك وطاوعوھم في ذلك. فانطلقوا يرصدون الناقة، فلما صدرت من وردھا
كمن لھا "مصرع" فرماھا بسھم فانتظم عظم ساقھا، وجاء النساء يذمرن
القبیلة في قتلھا، وحسرن عن وجوھھن ترغیباً لھم في ذلك فابتدرھم قدار
بن سالف، فشد علیھا بالسیف فكشف عن عرقوبھا فخرت ساقطة إلى
الأرض. ورغت رغاة واحدة عظیمة تحذر ولدھا، ثم طعن في لبتھا فنحرھا،
وانطلق سقبھا - وھو فصیلھا - فصعد جبلاً منیعاً ورغا ثلاثاً.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عمن سمع الحسن أنه قال: يارب أين
أمي؟ ثم دخل في صخرة فغاب فیھا. ويقال: بل اتبعوه فعقروه أيضاً.
قال الله تعالى: {فَنَادَوْا صَاحِبَھُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ فَكَیْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ}.
وقال تعالى: {إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاھَا، فَقَالَ لَھُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْیَاھَا} أي
احذروھا {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوھَا فَدَمْدَمَ عَلَیْھِمْ رَبُّھُمْ بِذَنْبِھِمْ فَسَوَّاھَا، وَلاَ يَخَافُ
عُقْبَاھَا}.
قال الإمام أحمد: حَدَّثَنا عبد الله بن نمیر، حَدَّثَنا ھشام - أبو عروة - عن
أبیه عن عبد الله بن زمعة قال: خطب رسول الله صلى الله علیه وسلم فذكر
الناقة وذكر الذي عقرھا فقال: "إذ انبعث أشقاھا: انبعث لھا رجل عارم عزيز
منیع في رھطه، مثل أبي زمعة".
أخرجاه من حديث ھشام به. عارم: أي شھم. عزيز، أي: رئیس. منیع،
أي: مطاع في قومه.
وقال مُحَمْد بن إسحاق: حدثني يزيد بن مُحَمْد بن خثیم، عن مُحَمْد بن
كعب، عن مُحَمْد بن خثیم بن يزيد، عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله
صلى الله علیه وسلم لعلي: "ألا أحدثك بأشقى الناس؟ قال: بلى. قال:
رجلان، أحدھما أحیمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على ھذا
- يعني قرنه - حتى تبتل منه ھذه - يعني لحیته".
رواه ابن أبي حاتم.
وقال تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّھِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا
تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الْمُرْسَلِینَ} فجمعوا في كلامھم ھذا بین كفر بلیغ من
وجوه:
منھا: أنھم خالفوا الله ورسوله في ارتكابھم النھي الأكید في عقر الناقة
التي جعلھا الله لھم آية.
ومنھا: أنھم استعجلوا وقوع العذاب بھم فاستحقوه من وجھین: أحدھما
الشرط علیھم في قوله: {وَلاَ تَمَسُّوھَا بِسُوءٍ فَیَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ} وفي
آية{عظیم} وفي الأخرى{ألیم} والكل حق. والثاني استعجالھم على ذلك.
ومنھا: أنھم كذبوا الرسول الذي قد قام الدلیل القاطع على نبوته وصدقه،
وھم يعلمون ذلك علماً جازماً، ولكن حملھم الكفر والضلال والعناد على
استبعاد الحق ووقوع العذاب بھم. قال الله تعالى: {فَعَقَرُوھَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي
دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَیْرُ مَكْذُوبٍ}.
وذكروا أنھم لما عقروا الناقة كان أول من سطا علیھا قدار بن سالف،
لعنه الله، فعرقبھا فسقطت إلى الأرض، ثم ابتدروھا بأسیافھم يقطعونھا فلما
عاين ذلك سقبھا - وھو ولدھا - شرد عنھم فعلا أعلى الجبل ھناك، ورغا
ثلاث مرات.
فلھذا قال لھم صالح: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ} أي غیر يومھم ذلك،
فلم يصدقوه أيضاً في ھذا الوعد الأكید، بل لما أمسوا ھموا بقتله وأرادوا -
فیما يزعمون - أن يلحقوه بالناقة. {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَیِّتَنَّهُ وَأَھْلَهُ} أي
لنكبسنه في داره مع أھله فلنقتلنه، ثم نجحدن قتله ولننكرن ذلك إن طالبنا
أولیاؤه بدمه، ولھذا قالوا: {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِیِّهِ مَا شَھِدْنَا مَھْلِكَ أَھْلِهِ وَإِنَّا
لَصَادِقُون}.
قال الله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَھُمْ لاَ يَشْعُرُون، فَانظُرْ كَیْفَ
كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِھِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاھُمْ وَقَوْمَھُمْ أَجْمَعِینَ، فَتِلْكَ بُیُوتُھُمْ خَاوِيَةً بِمَا
ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، وَأَنجَیْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.
وذلك أن الله تعالى أرسل على أولئك النفر الذين قصدوا قتل صالح حجارة
رضختھم فأھلكھم سلفاً وتعجیلاً قبل قومھم، وأصبحت ثمود يوم الخمیس -
وھو الیوم الأول من أيام النظرة - ووجوھم مصفرة، كما أنذرھم صالح علیه
السلام. فلما أمسوا نادوا بأجمعھم: ألا قد مضى يوم من الأجل. ثم أصبحوا
في الیوم الثاني من أيام التأجیل وھو يوم الجمعة - ووجوھھم محمرة، فلما
أمسوا نادوا: ألا قد مضى يومان من الأجل، ثم أصبحوا في الیوم الثالث من
أيام المتاع - وھو يوم السبت - ووجوھم مسودة، فلما أمسوا نادوا: ألا قد
مضى الأجل.
فلما كان صبیحة يوم الأحد تحنطوا وتأھبوا وقعدوا ينتظرون ماذا يحل بھم
من العذاب والنكال والنقمة، لا يدرون كیف يفعل بھم؟ ولا من أي جھة يأتیھم
العذاب.
فلما أشرقت الشمسجاءتھم صیحة من السماء من فوقھم، ورجفة من
أسفل منھم، ففاضت الأرواح وزھقت النفوس، وسكنت الحركات، وخشعت
الأصوات، وحقت الحقائق فأصبحوا في دارھم جاثمین، جثثاً لا أرواح فیھا ولا
حراك بھا. قالوا ولم يبق منھم أحد إلا جارية كانت مقعدة واسمھا "كلبة" بنت
السلق - ويقال لھا الذريعة - وكانت شديدة الكفر والعداوة لصالح علیه
السلام، فلما رأت العذاب أطلقت رجلاھا، فقامت تسعى كأسرع شيء،
فأتت حیاً من العرب فأخبرتھم بما رأت وما حل بقومھا واستسقتھم ماء، فلما
شربت ماتت.
قال الله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِیھَا} أي لم يقیموا فیھا في سعة ورزق
وغناء، {أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّھُمْ أَلاَ بُعْداً لِثَمُودَ} أي نادى علیھم لسان القدر
بھذا.
قال الإمام أحمد: حَدَّثَنا عبد الرزاق، حَدَّثَنا معمر، حَدَّثَنا عبد الله بن
عثمان بن خثیم، عن أبي الزبیر، عن جابر قال: لما مرّ رسول الله صلى الله
علیه وسلم بالحجر قال: "لا تسألوا الآيات فقد سألھا قوم صالح، فكانت -
يعني الناقة - ترد من ھذا الفج وتصدر من ھذا الفج، فعتوا عن أمر ربھم
فعقروھا. وكانت تشرب ماءھم يوماً ويشربون لبنھا يوماً، فعقروھا فأخذتھم
صیحة أھمد الله بھا من تحت أديم السماء منھم إلا رجلاً واحداً كان في حرم
الله" فقالوا: من ھو يا رسول الله؟ قال: ھو أبو رغال، فلما خرج من الحرم
أصابه ما أصاب قومه".
وھذا الحديث على شرط مسلم ولیس ھو في شيء من الكتب الستة.
والله تعالى أعلم.
وقد قال عبد الرزاق أيضاً: قال معمر: أخبرني إسماعیل بن أمیة أن النبي
صلى الله علیه وسلم مرّ بقبر أبي رغال، فقال: "أتدرون من ھذا؟" قالوا: الله
ورسوله أعلم. قال: "ھذا قبر أبي رغال، رجل من ثمود، كان في حرم الله
فمنعه حرم الله عذاب الله، فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن ھا ھنا،
ودفن معه غصن من ذھب. فنزل القوم فابتدروه بأسیافھم، فبحثوا عنه
فاستخرجوا الغصن". قال عبد الرزاق: قال معمر: قال الزھري: أبو رغال أبو
ثقیف.. ھذا مرسل من ھذا الوجه.
وقد جاء من وجه آخر متصلاً كما ذكره مُحَمْد بن إسحاق في السیرة عن
إسماعیل بن أمیة، عن بجیر بن أبي بجیر، قال: سمعت عبد الله بن عمر
يقول: سمعت رسول الله صلى الله علیه وسلم حین خرجنا معه إلى
الطائف، فمررنا بقبر، فقال: "إن ھذا قبر أبي رغال، وھو أبو ثقیف، وكان من
ثمود، وكان بھذا الحرم يدفع عنه، فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت
قومه بھذا المكان فدفن فیه، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذھب، إن أنتم
نبشتم عنه أصبتموه معه. فابتدره الناس فاستخرجوا منه الغصن" وھكذا رواه
أبو داود من طريق مُحَمْد بن إسحاق به. قال شیخنا الحافظ أبو الحجاج المزي
رحمه الله: ھذا حديث حسن عزيز.
قلت: تفرد به بجیر بن أبي بجیر ھذا، ولا يعرف إلا بھذا الحديث، ولم يرو
عنه سوى إسماعیل بن أمیة. قال شیخنا: فیحتمل أنه وھم في رفعه، وإنما
يكون من كلام عبد الله بن عمرو من زاملتیه. والله أعلم.
قلت: لكن في المرسل الذي قبله وفي حديث جابر أيضاً شاھد له. والله
أعلم.
وقوله تعالى: {فَتَوَلَّى عَنْھُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ
لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ تُحِبُّونَ النَّاصِحِینَ} إخبار عن صالح علیه السلام، أنه خاطب قومه
بعد ھلاكھم، وقد أخذ في الذھاب عن محلتھم إلى غیرھا قائلاً لھم: {يَا قَوْمِ
لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ} أي: جھدت في ھدايتكم بكل ما
أمكنني، وحرصت على ذلك بقولي وفعلي ونیتي.
{وَلَكِنْ لاَ تُحِبُّونَ النَّاصِحِینَ}. أي: لم تكن سجاياكم تقبل الحق ولا تريده،
فلھذا صرتم إلى ما أنتم فیه من العذاب الألیم، المستمر بكم المتصل إلى
الأبد، ولیسلي فیكم حیلة، ولا لي بالدفع عنكم يدان. والذي وجب علي من
أداء الرسالة والنصح لكم قد فعلته، وبذلته لكم، ولكن الله يفعل ما يريد.
وھكذا خاطب النبي صلى الله علیه وسلم أھل قلیب بدر بعد ثلاث لیال:
وقف علیھم وقد ركب راحلته وأمر بالرحیل من آخر اللیل فقال: "يا أھل
القلیب، ھل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي
حقاً". وقال لھم فیما قال: " بئس عشیرة النبي كنتم لنبیكم"، كذبتموني
وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس،
فبئسعشیرة النبي كنتم لنبیكم". فقال له عمر: يا رسول الله تخاطب أقواماً
قد جیفوا؟ فقال: "والذي نفسي بیده ما أنتم بأسمع لما أقول منھم، ولكنھم
لا يجیبون".
ويقال أن صالحاً علیه السلام انتقل إلى حرم الله فأقام به حتى مات.
قال الإمام أحمد: حَدَّثَنا وكیع، حَدَّثَنا زمعة بن صالح، عن سلمة بن
وھرام، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس قال: لما مرّ النبي صلى الله علیه وسلم
بوادي عسفان حین حج قال: "يا أبا بكر أي واد ھذا؟" قال وادي عسفان.
قال: "لقد مرّ به ھود وصالح علیھما السلام على بكرات خطمھا اللیف، أزرھم
العباء، وأرديتھم النمار يلبون يحجون البیت العتیق".
إسناد حسن. وقد تقدم في قصة نوح علیه السلام من رواية الطبراني،
وفیه نوح وھود وإبراھیم.
ذكر مرور النبي صلى الله علیه وسلم بواد الحجر من أرض ثمود عام تبوك
قال الإمام أحمد: حَدَّثَنا عبد الصمد، حَدَّثَنا صخر بن جويرية عن نافع، عن
ابن عمر قال: لما نزل رسول الله صلى الله علیه وسلم بالناس على تبوك،
نزل بھم الحجر عند بیوت ثمود، فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب
منھا ثمود، فعجنوا منھا ونصبوا القدور، فأمرھم رسول الله فأھراقوا القدور،
وعلفوا العجین الإبل، ثم ارتحل بھم حتى نزل بھم على البئر التي كانت
تشرب منھا الناقة، ونھاھم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا فقال: "إني
أخشى أن يصیبكم مثل ما أصابھم فلا تدخلوا علیھم".
وقال أحمد أيضاً: حَدَّثَنا عفان، حَدَّثَنا عبد العزيز بن مسلم،حَدَّثَنا عبد الله
بن دينار، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله علیه وسلم وھو
بالحجر: "لا تدخلوا على ھؤلاء المعذبین إلا أن تكونوا باكین، فإن لم تكونوا
باكین فلا تدخلوا علیھم، أن يصیبكم مثل ما أصابھم".
أخرجاه في "الصحیحین" من غیر وجه.
وفي بعض الروايات: أنه علیه السلام لما مرّ بمنازلھم قنع رأسه، وأسرع
راحلته، ونھى عن دخول منازلھم، إلا أن يكونوا باكین. وفي رواية: "فإن لم
تبكوا فتباكوا خشیة أن يصیبكم مثل ما أصابھم" صلوات الله وسلامه علیه.
وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنا يزيد بن ھارون، حَدَّثَنا المسعودي، عن
إسماعیل بن أوسط، عن مُحَمْد بن أبي كبشة الأنباري عن أبیه - واسمه
عمرو بن سعد ويقال عامر بن سعد - رضي الله عنه قال: لما كان في غزوة
تبوك تسارع الناس إلى أھل الحجر يدخلون علیھم، فبلغ ذلك رسول الله
صلى الله علیه وسلم فنادى في الناس: "الصلاة جامعة" قال فأتیت النبي
صلى الله علیه وسلم وھو ممسك بعیره وھو يقول: "ما تدخلون على قوم
غضب الله علیھم" فناداه رجل: نعجب منھم يا رسول الله! قال: "أفلا أنبئكم
بأعجب من ذلك؟ رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وما ھو كائن
بعدكم، فاستقیموا وسددوا، فإن الله لا يعبأ بعذابكم شیئاً، وسیأتي قوم لا
يدفعون عن أنفسھم شیئاً". إسناد حسن ولم يخرجوه.
وقد ذكر أن قوم صالح كانت أعمارھم طويلة، فكانوا يبنون البیوت من
المدر فتخرب قبل موت الواحد منھم، فنحتوا لھم بیوتاً في الجبال.
وذكروا أن صالحاً علیه السلام لما سألوه آية، فأخرج الله لھم الناقة من
الصخرة، أمرھم بھا وبالولد الذي كان في جوفھا، وحذرھم بأس الله إن ھم
نالوھا بسوء، وأخبرھم أنھم سیعقرونھا، ويكون سبب ھلاكھم ذلك. وذكر
لھم صفة عاقرھا، وأنه أحمر أزرق أصھب، فبعثوا القوابل في البلد متى
وجدوا مولوداً بھذه الصفة يقتلنه، فكانوا على ذلك دھراً طويلاً.
وانقرض جیل، وأتى جیل آخر. فلما كان في بعض الأعصار خطب رئیس
من رؤسائھم على ابنة بنت آخر مثله في الرياسة، فزوجه، فولد بینھما عاقر
الناقة، وھو قدار بن سالف، فلم تتمكن القوابل من قتله لشرف أبويه وجده
فیھم، فنشأ نشأة سريعة، فكان يشب في الجمعة كما يشب غیره في
شھر، حتى كان من أمره أن خرج مطاعاً فیھم رئیساً بینھم. فسولت له
نفسه عقر الناقة واتبعه على ذلك ثمانیة من أشرافھم، وھم التسعة الذين
أرادوا قتل صالح علیه السلام.
فلما وقع من أمرھم ما وقع من عقر الناقة، وبلغ ذلك صالحاً علیه
السلام، جاءھم باكیاً علیھا، فتلقوه يعتذرون إلیه، ويقولون: إن ھذا لم يقع
عن ملأ منا. وإنما فعل ھذا ھؤلاء الأحداث فینا. فیقال: أنه أمرھم باستدراك
سقبھا حتى يحسنوا إلیه عوضاً عنھا، فذھبوا وراءه فصعد جبلاً ھناك، فلما
تصاعدوا فیه وراءه تعالى الجبل حتى ارتفع، فلا يناله الطیر، وبكى الفصیل
حتى سالت دموعه. ثم استقبل صالحاً علیه السلام ورغا ثلاثاً، فعندھا قال
صالح: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَیْرُ مَكْذُوبٍ} وأخبرھم أنھم
يصبحون من غدھم صفراً، ثم تحمر وجوھھم في الثاني، وفي الیوم الثالث
تسود وجوھھم. فلما كان في الیوم الرابع أتتھم صیحة فیھا صوت كل
صاعقة، فأخذتھم فأصبحوا في دارھم جاثمین.
وفي بعض ھذا السیاق نظر ومخالفة لظاھر ما يفھم من القرآن في
شأنھم وقصتھم كما قدمنا. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

للمشاركة انت بحاجه الى تسجيل الدخول او التسجيل

يجب ان تعرف نفسك بتسجيل الدخول او بالاشتراك معنا للمشاركة

التسجيل

انضم الينا لن يستغرق منك الا ثوانى معدودة!


أنشئ حساب جديد

تسجيل الدخول

ليس لديك عضويه ؟ بضع ثوانى فقط لتسجيل حساب


تسجيل الدخول

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى