منتديات عدن سات
قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 5wz1qh10
منتديات عدن سات
قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 5wz1qh10
الإعلانات
الرجاء الانتظار قليلاً حتى يتم تحميل محرك البحث
مرحباً بك : للتصفح بشكل اسرع للمنتدى قم بتحمل متصفح فرفكس الاصدار الاخير من هنا

<div style="background-color: #000000;"><a href="http://news.rsspump.com/" title="rsspump">news</a></div>
انقر هنا من اجل دعوة اصدقائك على الفيسبوك

قصة مدين قوم شعيب عليه السلام

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

admin
admin




الساعة الآن :
نوع المهنة : قصة مدين قوم شعيب عليه السلام Progra10
نوع المتصفح : قصة مدين قوم شعيب عليه السلام Fmfire10
الهوايات : المطالعة
المزاج : مستمتع
الدولة الدولة : اليمن
المحافظه :
  • محافظة عدن

إحترام قوانين المنتدى إحترام قوانين المنتدى : 1
الجنس الجنس : ذكر
عدد المساهمات عدد المساهمات : 432
نقاظ نشاط العضو نقاظ نشاط العضو : 14014
تقييم العضو تقييم العضو : 16
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 05/06/2013
https://armgedon.yoo7.com

مُساهمةadmin الثلاثاء 18 يونيو - 2:48:55

قصة مدين قوم شعيب عليه السلام Uouou_10
قََََََصَصُ الأنْبِیَاءِ


للإمام ابن الحافظ ابن كثیر


قصة مدين قوم شعیب علیه السلام




قال الله تعالى في سورة الأعراف بعد قصة قوم لوط: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاھُمْ
شُعَیْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَیْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَیِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
فَأَوْفُوا الْكَیْلَ وَالْمِیزَانَ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیَاءَھُمْ وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ
إِصْلاَحِھَا ذَلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِینَ، وَلاَ تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ
وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَھَا عِوَجاً وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِیلاً
فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَیْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي
أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنَا وَھُوَ خَیْرُ
الْحَاكِمِینَ، قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَیْبُ وَالَّذِينَ
آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِھِینَ، قَدْ افْتَرَيْنَا عَلَى
اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْھَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِیھَا
إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَح بَْیْنَنَا
وَبَیْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَیْرُ الْفَاتِحِینَ، وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنْ
اتَّبَعْتُمْ شُعَیْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ، فَأَخَذَتْھُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِھِمْ
جَاثِمِینَ، الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَیْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِیھَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَیْباً كَانُوا ھُمْ
الْخَاسِرِينَ، فَتَوَلَّى عَنْھُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ
فَكَیْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ}.
وقال في سورة ھود بعد قصة قوم لوط أيضاً. {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاھُمْ شُعَیْباً
قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَیْرُهُ وَلا تَنقُصُوا الْمِكْیَالَ وَالْمِیزَانَ إِنِّي
أَرَاكُمْ بِخَیْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَیْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِیطٍ، وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْیَالَ وَالْمِیزَانَ
بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیَاءَھُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ، بَقِیَّةُ اللَّهِ
خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِینَ وَمَا أَنَا عَلَیْكُمْ بِحَفِیظٍ، قَالُوا يَا شُعَیْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ
أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِیمُ
الرَّشِیدُ، قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً
وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْھَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا
تَوْفِیقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَیْهِ أُنِیبُ، وَيَا قوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ
يُصِیبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ ھُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ
بِبَعِیدٍ، وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِیمٌ وَدُودٌ، قَالُوا يَا شُعَیْبُ مَا
نَفْقَهُ كَثِیراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِینَا ضَعِیفاً وَلَوْلا رَھْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَیْنَا
بِعَزِيزٍ، قَالَ يَا قَوْمِ أَرَھْطِي أَعَزُّ عَلَیْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِھْرِيّاً إِنَّ رَبِّي
بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِیطٌ، وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ
يَأْتِیهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِیهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ ھُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا
إِنِّي مَعَكُمْ رَقِیبٌ، وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّیْنَا شُعَیْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا
وَأَخَذَتْ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّیْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِھِمْ جَاثِمِینَ، كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِیھَا
أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}.
وقال في الحجر بعد قصة لوط أيضاً: {وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِینَ،
فَانْتَقَمْنَا مِنْھُمْ وَإِنَّھُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِینٍ}.
وقال تعالى في الشعراء بعد قصتھم {كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِینَ، إِذْ
قَالَ لَھُمْ شُعَیْبٌ أَلا تَتَّقُونَ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِیعُونِي، وَمَا
أَسْأَلُكُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِینَ، أَوْفُوا الْكَیْلَ وَلا تَكُونُوا
مِنْ الْمُخْسِرِينَ، وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِیمِ، وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیَاءَھُمْ
وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ، وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِینَ، قَالُوا إِنَّمَا
أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ، وَمَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنْ الْكَاذِبِینَ، فَأَسْقِطْ
عَلَیْنَا كِسَفاً مِنْ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِینَ، قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ،
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَھُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِیمٍ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً
وَمَا كَانَ أَكْثَرُھُمْ مُؤْمِنِین، وَإِنَّ رَبَّكَ لَھُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِیمُ}.
كان أھل مدين قوماً عرباً يسكنون مدينتھم مدين، التي ھي قريبة من
أرض مَعَان من أطراف الشام، مما يلي ناحیة الحجار قريباً من بحیرة قوم لوط.
وكانوا بعدھم بمدة قريبة. ومدين مدينة عرفت بالقبیلة وھم من بني مدين
بن مديان بن إبراھیم الخلیل.
وشعیب نبیھم ھو ابن میكیل بن يشجن ذكره ابن إسحاق.
قال: ويقال له بالسريانیة يترون وفي ھذا نظر ويقال: شعیب بن يشخر
بن لاوي بن يعقوب. ويقال: شعیب بن نويب بن عیفا بن مدين بن إبراھیم.
ويقال شعیب بن صیفور بن عیفا بن ثابت بن مدين بن إبراھیم. وقیل غیر ذلك
في نسبه.
قال ابن عساكر: ويقال جدته، ويقال أمه بنت لوط.
وكان ممن آمن بإبراھیم وھاجر معه، ودخل معه دمشق.
وعن وھب بن منبه انه قال: شعیب وملغم ممن آمن بإبراھیم يوم أحرق
بالنار، وھاجرا معه إلى الشام، فزوجھما بنتي لوط علیه السلام. ذكره ابن
قتیبة. وفي ھذا كله نظر أيضاً والله تعالى أعلم.
وذكر أبو عمرو بن عبد البر في الاستیعاب، في ترجمة سلمة بن سعد
العنزي: أنه قدم على رسول الله صلى الله علیه وسلم فأسلم وانتسب إلى
عنزة، فقال: "نِعْمَ الحيُّ عنزة، مبغي علیھم منصورين، قوم شعیب وأَخْتَان
موسى".
فلو صح ھذا لدل على أن شعیباً صھر موسى وأنه من قبیلة من العرب
العاربة، يقال لھم عنزة، لا أنھم من عنزة بن أسد بن ربیعة بن نزار بن معد
بن عدنان فإن ھؤلاء بعده بدھر طويل. والله أعلم.
وفي حديث أبي ذر الذي في صحیح ابن حبان في ذكر الأنبیاء والرسل
قال : "أربعة من العرب ھود وصالح وشعیب ونبیك يا أبا ذر" وكان بعض
السلف يسمي شعیباً خطیب الأنبیاء يعني لفصاحته وعلو عبارته وبلاغته
في دعاية قومه إلى الإيمان برسالته.
وقد روى ابن إسحاق بن بشر عن جويبر ومقاتل، عن الضحاك، عن ابن
عبَّاس قال: كان رسول الله صلى الله علیه وسلم إذا ذكر شعیباً قال: (ذاك
خطیب الأنبیاء).
وكان أھل مدين كفاراً، يقطعون السبیل ويخیفون المارة، ويعبدون الأيكة
وھي شجرة من الأيك حولھا غیضة ملتفة بھا.
وكانوا من أسوأ الناس معاملة، يبخسون المكیال والمیزان، ويطففون
فیھما، يأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص.
فبعث الله فیھم رجلاً منھم وھو رسول الله شعیب علیه السلام، فدعاھم
إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونھاھم عن تعاطي ھذه الأفاعیل القبیحة،
من بخس الناس أشیائھم واخافتھم لھم في سبلھم وطرقاتھم فآمن به
بعضھم وكفر أكثرھم، حتى أحلَّ الله بھم البأس الشديد. وھو الولي الحمید.
كما قال تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاھُمْ شُعَیْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ
مِنْ إِلَهٍ غَیْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَیِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} أي دلالة وحجة واضحة وبرھان قاطع
على صدق ما جئتكم به وأنه أرسلني، وھو ما أجرى الله على يديه من
المعجزات التي لم تنقل إلینا تفصیلاً وإن كان ھذا اللفظ قد دل علیھا إجمالاً.
{فَأَوْفُوا الْكَیْلَ وَالْمِیزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیَاءَھُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي
الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِھَا}. أمرھم بالعدل ونھاھم عن الظلم وتوعدھم على خلاف
ذلك فقال: {ذَلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِینَ، وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ} أي طريق
{تُوعِدُونَ} أي تتوعدون الناس بأخذ أموالھم من مكوس وغیر ذلك، وتخیفون
السبل.
قال السُّدِّي في "تفسیره" عن الصحابة "ولا تقعدوا بكل صراط توعدون"
أنھم كانوا يأخذون العشور من أموال المارة.
وقال إسحاق بن بشر عن جويبر عن الضحاك، عن ابن عبَّاس قال: كانوا
قوماً طغاة بغاة يجلسون على الطريق يبخسون الناس يعني يعشرونھم.
وكانوا أول من سن ذلك.
{وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَھَا عِوَجاً} فنھاھم عن قطع
الطريق الحسیة الدنیوية، والمعنوية الدينیة.
{وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِیلا فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَیْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}
ذكرھم بنعمة الله تعالى علیھم في تكثیرھم بعد القلة، وحذرھم نقمة الله
بھم إن خالفوا ما أرشدھم إلیه ودلھم علیه، كما قال لھم في القصة الأخرى:
{وَلا تَنقُصُوا الْمِكْیَالَ وَالْمِیزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَیْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَیْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ
مُحِیطٍ} أي لا تركبوا ما أنتم علیه وتستمروا فیه فیمحق الله بركة ما في
أيديكم ويفقركم، ويذھب ما به يغنیكم.
وھذا مضاف إلى عذاب الآخرة، ومن جمع له ھذا وھذا فقد باء بالصفقة
الخاسرة.
فنھاھم أولاً عن تعاطي ما لا يلیق من التطفیف، وحذّرھم سلب نعمة
الله علیھم في دنیاھم، وعذابه الألیم في أخراھم وعنفھم أشد تعنیف.
ثم قال لھم آمراً بعد ما كان عن ضده زاجراً: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْیَالَ
وَالْمِیزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیَاءَھُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ،
بَقِیَّةُ اللَّهِ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِینَ وَمَا أَنَا عَلَیْكُمْ بِحَفِیظٍ}.
قال ابن عبَّاس والحسن البصري: "بقیّة الله خیر لكم" أي رزق الله خیر
لكم من أخذ أموال الناس. وقال ابن جرير: ما فضل لكم من الربح بعد وفاء
الكیل والمیزان خیر لكم من أخذ أموال الناس بالتطفیف. قال: وقد روي ھذا
عن ابن عبَّاس.
وھذا الذي قاله وحكاه حسن، وھو شبیه بقوله تعالى: {قُلْ لا يَسْتَوِي
الْخَبِیثُ وَالطَّیِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِیثِ} يعني أن القلیل من الحلال خیر
لكم من الكثیر من الحرام، فإن الحلال مبارك وأن قل، والحرام ممحوق وإن
كثر، كما قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}.
وقال رسول الله صلى الله علیه وسلم: "إن الربا وان كثر فإن مصیره إلى
قُل" رواه أحمد. أي: إلى قلة.
وقال رسول الله صلى الله علیه وسلم "البیعان بالخیار ما لم يتفرقا فإن
صدقا وبینا بورك لھما في بیعھما وإن كتما وكذبا محقت بركة بیعھما".
والمقصود أن الربح الحلال مبارك فیه وإن قل والحرام لا يجدي وإن كثر،
ولھذا قال نبي الله شعیب "بقیت الله خیر لكم إن كنتم مؤمنین".
وقوله "وما أنا علیكم بحفیظ" أي افعلوا ما آمركم به ابتغاء وجه الله ورجاء
ثوابه لا لأراكم أنا وغیري.
{قَالُوا يَا شُعَیْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي
أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِیمُ الرَّشِیدُ}. يقولون ھذا على سبیل الاستھزاء
والتنقص والتھكم: أصلاتك ھذه التي تصلیھا ھي الآمرة لك بأن تحجر علینا
فلا نعبد إلا إلھك ونترك ما يعبد آباؤنا الأقدمون، وأسلافنا الأولون؟ أو أن لا
نتعامل إلاّ على الوجه الذي ترتضیه أنت ونترك المعاملات التي تأباھا وإن كنا
نحن نرضاھا؟
{إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِیمُ الرَّشِیدُ} قال ابن عبَّاس ومیمون بن مھران وابن جُرَيْج
وزيد بن أسلم وابن جرير، يقولون ذلك أعداء الله على سبیل الاستھزاء.
{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا
أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْھَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا
تَوْفِیقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَیْهِ أُنِیبُ}.
ھذا تلطف معھم في العبارة ودعوة لھم إلى الحق بأبین إشارة.
يقول لھم: أرأيتم أيھا المكذبون {إن كنت على بینة من ربي} أي على
أمر بیِّن من الله تعالى، أنه أرسلني إلیكم، {وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً} يعني
النبوة والرسالة، يعني وعمى علیكم معرفتھا، فأي حیلة لي فیكم؟
وھذا كما تقدم عن نوح علیه السلام أنه قال لقومه سواء.
وقوله {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْھَاكُمْ عَنْهُ} أي لست آمركم بالأمر
إلا وأنا أول فاعل له، وإذا نھیتكم عن الشيء فأنا أول من يتركه.
وھذه ھي الصفة المحمودة العظیمة، وضدھا ھي المردودة الذمیمة، كما
تلبس بھا علماء بني إسرائیل في آخر زمانھم وخطباءھم الجاھلون. قال الله
تعالى :{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا
تَعْقِلُونَ} وذكرنا عندھا في الصحیح عن رسول الله صلى الله علیه وسلم أنه
قال: "يؤتى بالرجل فیلقى في النار فتندلق أقتابُ بطنه، أي تخرج أمعاؤه من
بطنه، فیدور بھا كما يدور الحمار برحاه، فیجتمع أھل النار، فیقولون: يا فلان
مالك، ألم تكن تأمر بالمعروف وتنھى عن المنكر؟ فیقول: بلى، كنت آمر
بالمعروف ولا آتیه، وأنھى عن المنكر وآتیه".
وھذه صفة مخالفي الأنبیاء من الفجار والأشقیاء فأما السادة من النجباء
والألباء من العلماء الذين يخشون ربھم بالغیب فحالھم كما قال نبي الله
شعیب: "وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنھاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما
استطعت" أي ما أريد في جمیع أمري إلا الإصلاح في الفعال والمقال بجھدي
وطاقتي.
"وما توفیقي" أي في جمیع أحوالي "إلا بالله علیه توكلت وإلیه أنیب"
أي: علیه أتوكل في سائر الأمور وإلیه مرجعي ومصیري في كل أمري وھذا
مقام ترغیب.
ثم انتقل إلى نوه من الترھیب فقال: {وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ
يُصِیبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ ھُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ
بِبَعِیدٍ}.
أي لا تحملنكم مخالفتي وبغضكم ما جئتكم به على الاستمرار على
ضلالكم وجھلكم ومخالفتكم، فیحل الله بكم من العذاب والنكال نظیر ما أحله
بنظرائكم وأشباھكم، من قوم نوح وقوم ھود وقوم صالح من المكذبین
المخالفین.
وقوله {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِیدٍ} قیل معناه في الزمان، أي ما بالعھد من
قدم مما قد بلغكم ما أحل بھم على كفرھم وعتوھم. وقیل: معناه وما ھم
منكم ببعید في المحلة والمكان. وقیل في الصفات والأفعال المستقبحات من
قطع الطريق وأخذ أموال الناس جھرة وخفیة بأنواع الحیل والشبھات.
والجمع بین ھذه الأقوال ممكن فإنھم لم يكونوا بعیدين منھم لا زماناً ولا
مكاناً ولا صفات.
ثم مزج الترھیب بالترغیب فقال: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ إِنَّ رَبِّي
رَحِیمٌ وَدُودٌ} أي اقلعوا عما أنتم فیه وتوبوا إلى ربكم الرحیم الودود، فإنه من
تاب إلیه تاب علیه، فإنه رحیم بعباده أرحم بھم من الوالدة بولدھا، ودود وھو
الحبیب ولو بعد التوبة على عبده ولو من الموبقات العظام.
{قَالُوا يَا شُعَیْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِیراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِینَا ضَعِیفاً}.
روي عن ابن عبَّاس وسعید بن جبیر والثوري، أنھم قالوا: كان ضرير البصر.
وقد روي في حديث مرفوع "أنه بكى من حب الله حتى عمى فرد الله علیه
بصره. وقال : يا شعیب أتبكي خوفاً من النار، أو من شوقك إلى الجنَّة؟ فقال:
بل من محبتك، فإذا نظرت إلیك فلا أبالي ماذا يصنع بي، فأوحى الله إلیه
ھنیئاً لك يا شعیب لقائي فلذلك أخدمتك موسى بن عمران كلیمي".
رواه الواحدي عن أبي الفتح مُحَمْد بن علي الكوفي، عن علي بن
الحسن بن بندار، عن عبد الله مُحَمْد بن إسحاق الرملي عن ھشام بن
عمار، عن إسماعیل بن عبَّاس، عن يحیى بن سعید، عن شداد بن أوسعن
النبي صلى الله علیه وسلم بنحوه.
وھو غريب جداً، وقد ضعفه الخطیب البغدادي.
وقولھم {وَلَوْلا رَھْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَیْنَا بِعَزِيزٍ} وھذا من كفرھم
البلیغ وعنادھم الشنیع حیث قالوا: "ما نفقه كثیراً مما تقول" أي ما نفھمه
ولا نعقله، لأنه لا نحبه ولا نريده، ولیسلنا ھمة إلیه ولا إقبال علیه.
وھو كما قال كفار قريش لرسول الله صلى الله علیه وسلم {وَقَالُوا قُلُوبُنَا
فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَیْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَیْنِنَا وَبَیْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا
عَامِلُونَ} .
وقولھم{وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِینَا ضَعِیفاً} أي مضطھداً مھجوراً {وَلَوْلا رَھْطُكَ} أي
قبیلتك وعشیرتك فینا {لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَیْنَا بِعَزِيزٍ}.
{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَھْطِي أَعَزُّ عَلَیْكُمْ مِنْ اللَّهِ} أي تخافون قبیلتي وعشیرتي
وترعوني بسببھم ولا تخافون عذاب الله ولا تراعوني لأني رسول الله، فصار
رھطي أعز علیكم من الله "أي جانب الله وراء ظھوركم" أي ھو علیم بما
تعملونه وما تصنعونه محیط بذلك وسیجزيكم علیه يوم ترجعون إلیه.
{وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِیهِ عَذَابٌ
يُخْزِيهِ وَمَنْ ھُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِیبٌ}.
ھذا أمر تھديد شديد ووعید أكید بأن يستمروا على طريقتھم ومنھجھم
وشاكلتھم، فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار، ومن يحل علیه الھلاك
والبوار {مَنْ يَأْتِیهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} أي في ھذه الحیاة الدنیا {وَيَحِلُّ عَلَیْهِ عَذَابٌ
مُقِیمٌ} أي في الأخرى {وَمَنْ ھُوَ كَاذِبٌ} أي مني ومنكم فیما أخبر وبشر
وحذر.
{وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِیبٌ} ھذا كقوله: {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي
أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنَا وَھُوَ خَیْرُ
الْحَاكِمِینَ}.
{قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَیْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ
مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِھِینَ، قَدْ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً
إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْھَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِیھَا إِلا أَنْ
يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَح بَْیْنَنَا وَبَیْنَ
قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَیْرُ الْفَاتِحِینَ}.
طلبوا بزعمھم أن يردوا من آمن منھم إلى ملتھم فانتصب شعیب
للمحاجة عن قومه فقال: {أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِھِینَ} أي ھؤلاء لا يعودون إلیكم
اختیاراً، وإنما يعودون إلیكم إن عادوا اضطراراً مكرھین، وذلك لأنَّ الإيمان إذا
خالطت بشاشته القلوب لا يسخطه أحد، ولا يرتد أحد عنه، ولا محید لأحد
منه.
ولھذا قال: {قَدْ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ
مِنْھَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِیھَا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً
عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا} أي فھو كافینا، وھو العاصم لنا، وإلیه ملجأنا في جمیع
أمرنا. ثم استفتح على قومه واستنصر ربه علیھم في تعجیل ما يستحقونه
إلیھم فقال: {رَبَّنَا افْتَح بَْیْنَنَا وَبَیْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَیْرُ الْفَاتِحِینَ} أي
الحاكمین فدعا علیھم، والله لا يرد دعاء رسله إذا انتصروه على الذين جحدوه
وكفروه، ورسولهُ خالفوه.
ومع ھذا صموا على ما ھم علیه مشتملون. وبه متلبسون {وَقَالَ الْمَلأُ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنْ اتَّبَعْتُمْ شُعَیْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ}.
قال الله تعالى: {فَأَخَذَتْھُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِھِمْ جَاثِمِینَ} ذكر في
سورة الأعراف أنھم أخذتھم رجفة، أي رجفت بھم أرضھم وزلزلت زلزالاً
شديداً أزھقت أرواحھم من أجسادھا، وصیرت حیوان أرضھم كجمادھا،
وأصبحت جثثھم جاثیة، لا أرواح فیھا، ولا حركات بھا ولا حواس لھا.
وقد جمع الله علیھم أنواعاً من العقوبات وصنوفاً من المثلات، وأشكالاً من
البلیات، وذلك لما اتصفوا به قبیح الصفات، سلط الله علیھم رجفة شديدة
أسكنت الحركات، وصیحة عظیمة أخمدت الأصوات، وظلة أرسل علیھم منھا
شرر النار من سائر أرجائھا والجھات.
ولكنه تعالى أخبر عنھم في كل سورة بما يناسب سیاقھا، ويوافق
طباقھا، في سیاق قصة الأعراف أرجفوا نبي الله وأصحابه، وتوعدوھم
بالإخراج من قريتھم، أو لیعودن في ملتھم راجعین فقال تعالى: {فَأَخَذَتْھُمْ
الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِھِمْ جَاثِمِینَ} فقابل الأرجفاف بالرجفة والإخافة
بالخیفة وھذا مناسب ھذا السیاق ومتعلق بما تقدمه من السیاق.
وأما في سورة ھود فذكر أنھم أخذتھم الصیحة، فأصبحوا في ديارھم
جاثمین، وذلك لأنھم قالوا لنبي الله على سبیل التھكم والاستھزاء والتنقص:
{أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ
الْحَلِیمُ الرَّشِیدُ} فناسب أن يذكر الصیحة التي ھي كالزجر عن تعاطي ھذا
الكلام القبیح الذي واجھوا به الرسول الكريم الأمین الفصیح، فجاءتھم صیحة
أسكتتھم مع رجفة أسكنتھم.
وأما في سورة الشعراء فذكر أنه أخذھم عذاب يوم الظلة، وكان ذلك
إجابة لما طلبوا، وتقريباً إلى ما إلیه رغبوا. فإنھم قالوا: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ
الْمُسَحَّرِينَ، وَمَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنْ الْكَاذِبِینَ، فَأَسْقِط عَْلَیْنَا
كِسَفاً مِنْ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِینَ، قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
قال الله تعالى وھو السمیع العلیم {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَھُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ
كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِیمٍ}.
ومن زعم من المفسرين كقتادة وغیره أن أصحاب الأيكة أمة أخرى غیر
أھل مدين فقوله ضعیف.
وإنما عمدتھم شیئان أحدھما : أنه قال: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِینَ،
إِذْ قَالَ لَھُمْ شُعَیْبٌ} ولم يقل أخوھم كما قال: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاھُمْ شُعَیْباً}.
والثاني انه ذكر عذابھم بیوم الظلة وذكر في أولئك الرجفة أو الصیحة.
والجواب عن الأول أنه لم يذكر الأخوة بعد قوله: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ
الْمُرْسَلِینَ} لأنه وصفھم بعبادة الأيكة، فلا يناسب ذكر الأخوة ھھنا ولما
نسبھم إلى القبیلة، ساغ ذكر شعیب بأنه أخوھم.
وھذا الفرق من النفائساللطیفة العزيزة الشريفة.
وأما احتجاجھم بیوم الظلة فإن كان دلیلاً بمجرده على أن ھؤلاء أمة
أخرى فلیكن تعداد الانتقام بالرجفة والصیحة دلیلاً على أنھما أمتان أخريان،
وھذا لا يقوله أحد يفھم شیئاً من ھذا الشأن.
فأما الحديث الذي أورده الحافظ ابن عساكر في ترجمة النبي شعیب
علیه السلام، من طريق مُحَمْد بن عثمان بن أبي شیبة، عن أبیه، عن
معاوية بن ھشام، عن ھشام بن سعد، عن شفیق بن أبي ھلال، عن ربیعة
بن سیف، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً "إن قوم مدين وأصحاب الأيكة أمتان
بعث الله إلیھما شعیباً النبي علیه السلام".
فإنه حديث غريب وفي رجاله من تكلم فیه. والأشبه أنه من كلام عبد
الله بن عمرو، مما أصابه يوم الیرموك من تلك الزاملتین من أخبار بني
إسرائیل والله أعلم.
ثم قد ذكر الله عن أھل الأيكة من المذمة ما ذكره عن أھل مدين من
التطفیف في المكیال والمیزان، فدلّ على أنھم أمة واحدة أھلكوا بأنواع من
العذاب. وذكر في كل موضع ما يناسب من الخطاب.
وقوله: {فَأَخَذَھُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِیمٍ} ذكروا أنھم
أصابھم حر شديد، وأسكن الله ھبوب الھواء عنھم سبعة أيام فكان لا ينفعھم
مع ذلك ماء ولا ظل ولا دخولھم في الأسراب، فھربوا من محلتھم إلى البرية،
فأظلتھم سحابة فاجتمعوا تحتھا لیستظلوا بظلھا، فلما تكاملوا فیه أرسلھا
الله ترمیھم بشرر وشھب، ورجفت بھم الأرض وجاءتھم صیحة من السماء
فأزھقت الأرواح، وخربت الأشباح.
{فَأَصْبَحُوا فِي دَارِھِمْ جَاثِمِینَ، الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَیْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِیھَا الَّذِينَ
كَذَّبُوا شُعَیْباً كَانُوا ھُمْ الْخَاسِرِينَ}ونجى الله شعیباً ومن معه من المؤمنین .
كما قال تعالى وھو أصدق القائلین: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّیْنَا شُعَیْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا
مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتْ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّیْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِھِمْ جَاثِمِینَ،
كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِیھَا أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}.
وقال تعالى: {وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنْ اتَّبَعْتُمْ شُعَیْباً إِنَّكُمْ إِذاً
لَخَاسِرُونَ، فَأَخَذَتْھُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِھِمْ جَاثِمِینَ، الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَیْباً
كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِیھَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَیْباً كَانُوا ھُمْ الْخَاسِرِينَ} وھذا في مقابلة
قولھم {لَئِنْ اتَّبَعْتُمْ شُعَیْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ}.
ثم ذكر تعالى عن نبیھم أنه نعاھم إلى أنفسھم موبخاً ومؤنباً ومقرعاً،
فقال تعالى: {يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَیْفَ آسَى
عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ}.
أي أعرض عنھم مولیاً عن محلتھم بعد ھلكتھم قائلاً {يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ
رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ } أي قد أديت ما كان واجباً علي من البلاغ التام
والنصح الكامل وحرصت على ھدايتكم بكل ما أقدر علیه وأتوصل إلیه فلم
ينفعكم ذلك لأن الله لا يھدي من يضل وما لھم من ناصرين، فلست أتأسف
بعد ھذا علیكم لأنكم لم تكونوا تقبلون النصیحة ولا تخافون يوم الفضیحة.
ولھذا قال: {فَكَیْفَ آسَى} أي أحزن {عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ}. أي لا يقبلون
الحق ولا يرجعون إلیه ولا يلتفتون إلیه فحل بھم من بأس الله الذي لا يرد ما
لا يدافع ولا يمانع ولا محید لأحد أريد به عنه، ولا مناص عنه.
وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في "تاريخه" عن ابن عبَّاس "أن شعیباً علیه
السلام كان بعد يوسف علیه السلام، وعن وھب بن منبه أن شعیباً علیه
السلام مات بمكة ومن معه من المؤمنین وقبورھم غربي الكعبة بین دار
الندوة ودار بني سھم".
باب ذكر ذرية إبراھیم علیه الصلاة والتسلیم
قد قدمنا قصته مع قومه، وما كان من أمرھم وما آل إلیه أمره علیه الصلاة
والسلام والتحیة والإكرام.
وذكرنا ما وقع في زمانه من قصة قوم لوط، واتبعنا ذلك بقصة مدين قوم
شعیب علیه السلام، لأنھا قرينتھا في كتاب الله عز وجل، في مواضع
متعددة، فذكر تعالى بعد قصة قوم لوط قصة مدين، وھم أصحاب الأيكة على
الصحیح كما قدمنا، فذكرناھا تبعاً لھا إقتداء بالقرآن العظیم.
ثم نشرع الآن في الكلام على تفصیل ذرية إبراھیم علیه السلام لأن الله
جعل في ذريته النبوة والكتاب، فكل نبي أرسل بعده فمن ولده.

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

للمشاركة انت بحاجه الى تسجيل الدخول او التسجيل

يجب ان تعرف نفسك بتسجيل الدخول او بالاشتراك معنا للمشاركة

التسجيل

انضم الينا لن يستغرق منك الا ثوانى معدودة!


أنشئ حساب جديد

تسجيل الدخول

ليس لديك عضويه ؟ بضع ثوانى فقط لتسجيل حساب


تسجيل الدخول

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى