منتديات عدن سات
قصة زكريا - ويحيى عليهما السلام 5wz1qh10
منتديات عدن سات
قصة زكريا - ويحيى عليهما السلام 5wz1qh10
الإعلانات
الرجاء الانتظار قليلاً حتى يتم تحميل محرك البحث
مرحباً بك : للتصفح بشكل اسرع للمنتدى قم بتحمل متصفح فرفكس الاصدار الاخير من هنا

<div style="background-color: #000000;"><a href="http://news.rsspump.com/" title="rsspump">news</a></div>
انقر هنا من اجل دعوة اصدقائك على الفيسبوك

قصة زكريا - ويحيى عليهما السلام

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

admin
admin




الساعة الآن :
نوع المهنة : قصة زكريا - ويحيى عليهما السلام Progra10
نوع المتصفح : قصة زكريا - ويحيى عليهما السلام Fmfire10
الهوايات : المطالعة
المزاج : مستمتع
الدولة الدولة : اليمن
المحافظه :
  • محافظة عدن

إحترام قوانين المنتدى إحترام قوانين المنتدى : 1
الجنس الجنس : ذكر
عدد المساهمات عدد المساهمات : 432
نقاظ نشاط العضو نقاظ نشاط العضو : 14020
تقييم العضو تقييم العضو : 16
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 05/06/2013
https://armgedon.yoo7.com

مُساهمةadmin الثلاثاء 18 يونيو - 1:51:16

قصة زكريا - ويحيى عليهما السلام Uouou_10
قََََََصَصُ الأنْبِیَاءِ



للإمام ابن الحافظ ابن كثیر


قصة زكريا ويحيى عليهما السلام


قال الله تعالى في كتابه العزيز: بسم الله الرحمن الرحیم {كھیعص،
ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا، إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِیّاً، قَالَ رَبِّ إِنِّي وَھَنَ الْعَظْمُ
مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَیْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِیّاً، وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ
مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً فَھَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِیّاً، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ
يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیّاً، يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْیَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ
مِنْ قَبْلُ سَمِیّاً، قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ
مِنْ الْكِبَرِ عِتِیّاً، قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ ھُوَ عَلَيَّ ھَیِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ
تَكُنْ شَیْئاً، قَالَ رَبِّ اجْعَل لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَیَالٍ سَوِيّاً،
فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَیْھِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِیّاً، يَا
يَحْیَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَیْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِیّاً، وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِیّاً،
وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِیّاً، وَسَلامٌ عَلَیْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ
يُبْعَثُ حَیّاً}.
وقال تعالى: {وَكَفَّلَھَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَیْھَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَھَا
رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ ھَذَا قَالَتْ ھُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ
بِغَیْرِ حِسَابٍ، ھُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ ھَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ
سَمِیعُ الدُّعَاءِ، فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَھُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ
يُبَشِّرُكَ بِیَحْیَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّه وَسَیِّداً وَحَصُوراً وَنَبِیّاً
مِنْ الصَّالِحِین، قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ
قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ
النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِیراً وَسَبِّح بِْالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ}.
وقال تعالى في سورة الأنبیاء: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً
وَأَنْتَ خَیْرُ الْوَارِثِینَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَھَبْنَا لَهُ يَحْیَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّھُمْ
كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَیْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَھَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِینَ}.
وقال تعالى: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْیَى وَعِیسَى وَإِلْیَاسَ كُلٌّ مِنْ الصَّالِحِینَ}.
قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في كتابه التاريخ المشھور الحافل:
زكريا بن برخیا ويقال زكريا بن دان، ويقال زكريا بن لدن بن مسلم بن
صدوق بن حشبان بن داود بن سلیمان بن مسلم بن صديقة بن برخیا بن
بلعاطة بن ناحور بن شلوم بن بھفاشاط بن إينامن بن رحیعام بن سلیمان
بن داود، أبو يحیى النبي علیه السلام من بني إسرائیل.
دخل البثنة من أعمال دمشق في طلب ابنه يحیى. وقیل إنه كان
بدمشق حین قتل ابنه يحیى والله أعلم. وقد قیل غیر ذلك في نسبه.
ويقال فیه زكريا بالمد والقصر. ويقال زكرى أيضاً.
والمقصود أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله علیه وسلم أن يقص
على الناس خبر زكريا علیه السلام وما كان من أمره حین وھبه الله ولداً
على الكبر وكانت امرأته مع ذلك عاقراً في حال شیبتھا وقد أسنت أيضاً،
حتى لا يیأس من فضل الله ورحمته ولا يقنط من فضله تعالى {ذِكْرُ رَحْمَةِ
رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا، إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِیّاً}. قال قتادة عند تفسیرھا: إن الله
يعلم القلب النقي ويسمع الصوت الخفي. وقال بعض السلف: قام من
اللیل فنادى ربه مناداة أسرھا عمن كان حاضراً عنده مخافته فقال: يا رب
يا رب يا رب. فقال الله: لبیك لبیك لبیك. {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَھَنَ الْعَظْمُ مِنِّي}
أي ضعف وخار من الكبر {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَیْباً} استعارة من اشتعال النار
في الحطب أي غلب على سواد الشعر شیبه كما قال ابن دريد في
مقصورته:
أما ترى رأسي حاكى لونه *** طرة صبح تحت أذيال الدجا
واشتعل المبیض في مسوده ** *** مثل اشتعال النار في جمر
الغضا
وآض عود اللھم يیسا ذاويا *** من بعد ما قد كان مجاج الثرى
يذكر أن الضعف قد استحوذ علیه باطناً وظاھراً. وھكذا قال زكريا علیه
السلام { إِنِّي وَھَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَیْباً}.
وقوله {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِیّاً} أي ما عودتني فیما أسألك إلا
الإجابة وكان الباعث له على ھذه "المسألة" أنه لما كفل مريم بنت
عمران بن ماثان، وكان كلما دخل علیھا محرابھا وجد عندھا فاكھة في غیر
إبانھا ولا في أوانھا وھذه من كرامات الأولیاء، فعلم أن الرزاق للشيء في
غیر أوانه قادر على أن يرزقه ولداً وإن كان قد طعن في سنه {ھُنَالِكَ دَعَا
زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ ھَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ سَمِیعُ الدُّعَاءِ} وقوله:
{وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً} قیل المراد بالموالي
العصبة، وكأنه خاف من تصرفھم بعده في بني إسرائیل بما لا يوافق شرع
الله وطاعته فسأل وجود ولد من صلبه يكون براً تقیاً مرضیاً ولھذا قال:
{فَھَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ} أي من عندك بحولك وقوتك {وَلِیّاً يَرِثُنِي } أي في
النبوة والحكم في بني إسرائیل {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیّاً}
يعني كما كان آباؤه وأسلافه من ذرية يعقوب أنبیاء فاجعله مثلھم في
الكرامة التي أكرمتھم بھا من النبوة والوحي، ولیسالمراد ھاھنا وراثة
المال كما زعم ذلك من زعمه من الشیعة ووافقھم ابن جرير ھا ھنا وحكاه
عن أبي صالح من السلف، لوجوه:
أحدھا: ما قدمناه عند قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَیْمَانُ دَاوُودَ} أي في
النبوة والملك كما ذكرنا في الحديث المتفق علیه بین العلماء المروي في
الصحاح والمسانید والسنن وغیرھا من طرق عن جماعة من الصحابة أن
رسول الله صلى الله علیه وسلم قال: "لا نورث ما تركنا صدقة" فھذا نص
على أن رسول الله صلى الله علیه وسلم لا يورث، ولھذا مع الصديق أن
يصرف ما كان يختص به في حیاته إلى أحد من وراثة الذين لولا ھذا النص
لصرف إلیھم، وھم ابنته فاطمة وأزواجه التسع وعمه العباس رضي الله
عنھم، واحتج علیھم الصديق في منعه إياھم بھذا الحديث، وقد وافقه
على روايته عن رسول الله صلى الله علیه وسلم عمر بن الخطاب وعثمان
بن عفان وعلي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن
عوف وطلحة والزبیر وأبو ھريرة وآخرون رضي الله عنھم.
الثاني: أن الترمذي رواه بلفظ يعم سائر الأنبیاء: "نحن معاشر الأنبیاء
لا نورث" وصححه.
الثالث: أن الدنیا كانت أحقر عند الأنبیاء من أن يكنزوا لھا أو يلتفتوا
إلیھا أو يھمھم أمرھا حتى يسألوا الأولاد لیحوزوھا بعدھم فإن من لا يصل
إلى قريب من منازلھم في الزھادة لا يھتم بھذا المقدار أن يسأل ولداً
يكون وارثاً له فیھا.
الرابع: أن زكريا علیه السلام كان نجاراً يعمل بیده ويأكل من كسبھا،
كما كان داود علیه السلام يأكل من كسب يده، والغالب ولا سیما من مثل
حال الأنبیاء أنه لا يجھد نفسه في العمل إجھاداً يستفضل منه مالاً يكون
ذخیرة له يخلفه من بعده. وھذا أمر بین واضح لكل من تأمله وتدبره تفھمه
إن شاء الله.
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، يعني ابن ھرون، أنبأنا حماد بن سلمة،
عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي ھريرة، أن رسول الله صلى الله علیه
وسلم قال: كان زكريا نجاراً. وھكذا رواه مسلم وابن ماجه من غیر وجه،
عن حماد بن سلمة به.
وقوله: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْیَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ
سَمِیّاً} وھذا مفسر بقوله: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَھُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ
أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِیَحْیَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَیِّداً وَحَصُوراً وَنَبِیّاً مِنْ
الصَّالِحِینَ}
فلما بشر بالولد وتحقق البشارة شرع يستعلم على وجه التعجب
وجود الولد له والحالة ھذه {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي
عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ عِتِیّاً} أي كیف يوجد ولد من شیخ كبیر، قیل كان
عمره إذ ذاك سبعاً وسبعین سنة، والأشبه والله أعلم أنه كان أسن من
ذلك {وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً} يعني وقد كانت امرأتي في حال شیبتھا عاقراً
لا تلد والله أعلم.
كما قال الخلیل: {أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ}
وقالت سارة: {يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَھَذَا بَعْلِي شَیْخاً إِنَّ ھَذَا لَشَيْءٌ
عَجِیب، قَالُوا أَتَعْجَبِینَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَیْكُمْ أَھْلَ الْبَیْتِ إِنَّهُ
حَمِیدٌ مَجِیدٌ}.
وھكذا أجیب زكريا علیه السلام قال له الملك الذي يوحي إلیه بأمر
ربه: {كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ ھُوَ عَلَيَّ ھَیِّنٌ}. أي ھذا سھل يسیر علیه {وَقَدْ
خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُنْ شَیْئاً} أي قدرته، أوجدتك بعد أن لم تكن شیئاً
مذكوراً، أفلا يوجد منك ولداً وإن كنت شیخاً؟!
وقال تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَھَبْنَا لَهُ يَحْیَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّھُمْ
كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَیْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَھَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِینَ}
ومعنى إصلاح زوجته أنھا كانت لا تحیض فحاضت وقیل في لسانھا شيء.
أي بذاءة.
{قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً } أي علامة على وقت تعلق منى المرأة بھذا
الولد المبشر به { قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَیَالٍ سَوِيّاً}يقول علامة
ذلك أن يعتريك سكت لا تنطق معه ثلاثة أيام إلا رمزاً وأنت في ذلك سوي
الخلق صحیح المزاج معتدل البنیة. وأمر بكثرة الذكر في ھذه الحال بالقلب
واستحضار ذلك بفؤاده بالعشي والإبكار، فلما بشر بھذه البشارة خرج
مسروراً بھا على قومه من محرابه {فَأَوْحَى إِلَیْھِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِیّاً}
والوحي ھاھنا ھو الأمر الخفي إما بكتابة، كما قال مجاھد والسدي، أو
إشارة كما قاله مجاھد أيضاً ووھب وقتادة. قال مجاھد وعكرمة ووھب
والسدي وقتادة، اعتقل لسانه من غیر مرض. وقال ابن زيد: كان يقرأ
ويسبح ولكن لا يستطیع كلام أحد.
وقوله تعالى: {يَا يَحْیَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَیْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِیّاً} يخبر
تعالى عن وجود الولد وفق البشارة الإلھیه لأبیه زكريا علیه السلام وأن
الله علمه الكتاب والحكمة وھو صغیر في حال صباه. قال عبد الله بن
المبارك: قال معمر: قال الصبیان لیحیى بن زكريا: اذھب بنا نلعب. فقال: ما
للعب خلقنا. قال: وذلك قوله {وَآتَیْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِیّاً}.
وأما قوله {وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا} فروى ابن جرير عن عمرو بن دينار عن
عكرمة عن ابن عباس أنه قال: لا أدري ما الحنان.
وعن ابن عباس ومجاھد وعكرمة وقتادة والضحاك: {وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا}
أي رحمة من عندنا رحمنا بھا زكريا فوھبنا له ھذا الولد. وعن عكرمة:
{وَحَنَاناً} أي محبة علیه ويحتمل أن يكون ذلك صفة لتحنن يحیى على
الناس ولا سیما على أبويه وھو محبتھما والشفقة علیھما وبره بھما.
وأما الزكاة فھو طھارة الخلق وسلامته من النقائص والرذائل. والتقوى
طاعة الله بامتثال أوامره وترك زواجره. ثم ذكر بره بوالديه وطاعته لھما أمراً
ونھیاً وترك عقوقھما قولاً وفعلاً فقال: {وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِیّاً} ثم
قال: {وَسَلَامٌ عَلَیْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَیّاً} ھذه الأوقات الثلاثة
أشد ما تكون على الإنسان، فإنه ينتقل في كل منھا من عالم إلى عالم
آخر، فیفقد الأول بعدما كان آلفه وعرفه ويصیر إلى الآخر ولا يدري ما بین
يديه، ولھذا يستھل صارخاً إذا خرج من بین الأحشاء وفارق لینھا وضمھا
وينتقل إلى ھذه الدار لیكابد ھمومھا وغمھا!.
وكذلك إذا فارق ھذه الدار وانتقل إلى عالم البرزخ بینھا وبین دار القرار،
وصار بعد الدور والقصور إلى عرصة الأموات سكان القبور، وانتظر ھناك
النفخة في الصور لیوم البعث والنشور فمن مسرور ومحبور ومن محزون
ومثبور، وما بین جبیر وكسیر وفريق في الجنة وفريق في السعیر! ولقد
أحسن بعض الشعراء حیث يقول:
ولدتك أمك باكیاً مستصرخاً ** ** ** والناس حولك يضحكون سروراً
فاحرص لنفسك أن تكون إذا بكوا ** ** في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
ولما كانت ھذه المواطن الثلاثة أشق ما تكون على ابن آدم سلم الله
على يحیى في كل موطن منھا فقال: {وَسَلَامٌ عَلَیْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ
وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَیّاً}.
وقال سعید بن أبي عروبة، عن قتادة أن الحسن قال: إن يحیى
وعیسى التقیا، فقال له عیسى: استغفر لي أنت خیر مني. فقال له
الآخر: استغفر لي أنت خیر مني. فقال له عیسى: أنت خیر مني سلمت
على نفسي وسلم الله علیك. فعرف والله فضلھما.
وأما قوله في الآية الأخرى: {وَسَیِّداً وَحَصُوراً وَنَبِیّاً مِنْ الصَّالِحِینَ} فقیل
المراد بالحصور الذي لا يأتي النساء. وقیل غیر ذلك، وھو أشبه لقوله {ھَبْ
لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَیِّبَةً}.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد، أنبأنا علي بن زيد، عن
يوسف بن مھران، عن ابن عباسأن رسول الله صلى الله علیه وسلم قال:
"ما من أحد من ولد آدم إلا وقد أخطأ أو ھم بخطیئة لیس يحیى بن زكريا،
وما ينبغي لأحد يقول أنا خیر من يونسبن متى".
علي بن زيد بن جدعان تكلم فیه غیر واحد من الأئمة، وھو منكر
الحديث. وقد رواه ابن خزيمة والدارقطني من طريق أبي عاصم العباداني،
عن علي بن زيد بن جدعان به مطولا. ثم قال ابن خزيمه: ولیسعلى
شرطنا. وقال ابن وھب حدثني ابن لھیعة، عن عقیل، عن ابن شھاب،
قال: خرج رسول الله صلى الله علیه وسلم على أصحابه يوماً وھم
يتذاكرون فضل الأنبیاء فقال قائل: موسى كلیم الله، وقال قائل: عیسى
روح الله وكلمته. وقال قائل: إبراھیم خلیل الله فقال: أين الشھید ابن
الشھید، يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب؟ قال ابن وھب: يريد
يحیى بن زكريا.
وقد رواه محمد بن إسحاق وھو مدلس، عن يحیى بن سعید
الأنصاري، عن سعید بن المسیب، حدثني ابن العاص، أنه سمع رسول
الله صلى الله علیه وسلم يقول: كل ابن آدم يأتي يوم القیامة وله ذنب إلا
ما كان من يحیى بن زكريا.
فھذا من رواية ابن إسحاق وھو من المدلسین وقد عنعن ھاھنا.
ثم قال عبد الرزاق: عن معمر، عن قتادة، عن سعید بن المسیب
مرسلاً.
ثم رأيت ابن عساكر ساقه من طريق أبي أسامة، عن يحیى بن
سعید الأنصاري، ثم رواه ابن عساكر من طريق إبراھیم بن يعقوب
الجوزجاني خطیب دمشق، حدثنا محمد بن الأصبھاني، حدثنا أبو خالد
الأحمر، عن يحیى بن سعید، عن سعید بن المسیب، عبد الله بن عمرو
قال: ما أحد إلا يلقى الله بذنب إلا يحیى بن زكريا ثم تلا {وَسَیِّداً وَحَصُوراً}
ثم رفع شیئاً من الأرض فقال: ما كان معه إلا مثل ھذا، ثم ذبح ذبحاً!.
وھذا موقوف من ھذه الطريق وكونه موقوفاً أصح من رفعه والله أعلم.
وأورده ابن عساكر من طرق عن معمر: من ذلك ما أورده من حديث
إسحاق بن بشر، وھو ضعیف، عن عثمان بن ساج، عن ثور بن يزيد، عن
خالد بن معدان، عن معاذ عن النبي صلى الله علیه وسلم. بنحوه.
وروي من طريق أبي داود الطیالسي وغیره، عن الحكم بن عبد
الرحمن بن أبي نعیم، عن أبیه، عن أبي سعید قال: قال رسول الله صلى
الله علیه وسلم : "الحسن والحسین سیدا شباب أھل الجنة إلا ابني
الخالة يحیى وعیسى علیھما السلام".
وقال أبو نعیم الحافظ الأصبھاني: حدثنا اسحاق بن أحمد، حدثنا
إبراھیم بن يوسف، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، سمعت أبا سلیمان
يقول: خرج عیسى بن مريم ويحیى بن زكريا يتماشیان، فصدم يحیى
امرأة فقال له عیسى: يابن خالة لقد أصبت الیوم خطیئة ما أظن أنه يغفر
لك أبداً قال: وما ھي يابن خالة؟ قال: امرأة صدمتھا. قال: والله ما شعرت
بھا. قال: سبحان الله بدنك معي فأين روحك؟ قال: معلق بالعرش ولو أن
قلبي اطمأن إلى جبريل لظننت أني ما عرفت الله طرفة عین.
فیه غرابة وھو من الإسرائیلیات.
وقال إسرائیل عن أبي حصین، عن خیثمة، قال: كان عیسى بن مريم
ويحیى بن زكريا ابني خالة وكان عیسى يلبسالصوف، وكان يحیى يلبس
الوبر ولو لم يكن لواحد منھما دينار ولا درھم ولا عبد ولا أمة ولا مأوى
يأويان إلیه، أين ما جنھما اللیل أويا، فلما أرادا أن يتفرقا قال يحیى:
أوصني. قال: لا تغضب. قال: لا أستطیع إلا أن أغضب. قال: لا تقتني مالاً.
قال: أما ھذه فعسى. وقد اختلفت الرواية عن وھب بن منبه: ھل مات
زكريا علیه السلام موتاً أو قتل قتلاً؟ على روايتین فروى عبد المنعم بن
إدريس بن سنان، عن أبیه، عن وھب بن منبه، أنه قال: ھرب من قومه
فدخل شجرة فجاءوا فوضعوا المنشار علیھما، فلما وصل المنشار إلى
أضلاعه أنَّ فأوحى الله إلیه لئن لم يسكن أنینك لأقلبن الأرض ومن علیھا.
فسكن أنینه حتى قطع باثنتین. وقد روى ھذا في حديث مرفوع سنورده
بعد إن شاء الله. وروى إسحاق بن بشر، عن إدريسبن سنان، عن وھب
أنه قال: الذي انصدعت له الشجرة ھو شعیا، فأما زكريا فمات موتاً فالله
أعلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، أنبأنا أبو خلف موسى بن خلف،
وكان يعد من البدلاء، حدثنا يحیى بن أبي كثیر عن زيد بن سلام، عن جده
ممطور، عن الحارث الأشعري أن النبي صلى الله علیه وسلم قال: إن الله
أمر يحیى بن زكريا بخمسكلمات أن يعمل بھن وأن يأمر بني إسرائیل أن
يعملوا بھن، وكاد أن يبطئ فقال له عیسى علیه السلام: إنك قد أمرت
بخمس كلمات أن تعمل بھن وتأمر بني إسرائیل أن يعملوا بھن فإما أن
تبلغنھن وإما أن أبلغھن. فقال: يا أخي إني أخشى إن سبقتني أن أعذب
أو يخسف بي. قال: فجمع يحیى بني إسرائیل في بیت المقدس حتى
امتلأ المسجد فقعد على الشرف فحمد الله وأثنى علیه ثم قال: إن الله عز
وجل أمرني بخمس كلمات أن أعمل بھن وأمركم أن تعملوا بھن. وأولھن:
أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شیئاً، فإن مثل ذلك مثل من اشترى عبداً من
خالص ماله بورق أو ذھب فجعل يعمل ويؤدي غلته إلى غیر سیده، فأيكم
يسره أن يكون عبده كذلك، وإن الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به
شیئاً.
وآمركم بالصلاة فإن الله ينصب وجھه قبل عبده مالم يلتفت فإن صلیتم
فلا تلتفتوا.
وآمركم بالصیام فإن مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك في
عصابة كلھم يجد ريح المسك، وإن خلوف فم الصائم أطیب عند الله من
ريح المسك.
وآمركم بالصدقة، فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو، فشدوا يده
إلى عنقه وقدموه لیضربوا عنقه فقال: ھل لكم أن أفتدي نفسي منكم
فجعل يفتدي نفسه منھم بالقلیل والكثیر حتى فك نفسه.
وآمركم بذكر الله عز وجل كثیراً، فإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو
سراعاً في إثره فأتى حصناً حصیناً فتحصن فیه، وإن العبد أحصن ما يكون
من الشیطان إذا كان في ذكر الله عز وجل.
قال: وقال رسول الله صلى الله علیه وسلم: وأنا آمركم بخمس الله
أمرني بھن: بالجماعة والسمع والطاعة والھجرة والجھاد في سبیل الله،
فإن من خرج عن الجماعة قید شبر فقد خلع ربق الإسلام من عنقه إلا أن
يرجع، ومن دعا بدعوى الجاھلیة فھو من حثا جھنم. قال: يا رسول الله:
وإن صام وصلى؟ وزعم أنه مسلم، ادعوا المسلمین بأسمائھم بما
سماھم الله عز وجل المسلمین المؤمنین عباد الله عز وجل.
وھكذا رواه أبو يعلى عن ھدبه بن خالد، عن أبان بن زيد، عن يحیى
بن أبي كثیر به. وكذلك رواه الترمذي من حديث أبي داود الطیالیسي
وموسى بن إسماعیل، كلاھما عن أبان بن يزيد العطار به. ورواه ابن ماجه
عن ھشام بن عمار، عن محمد بن شعیب بن سابور، عن معاوية بن
سلام، عن أخیه زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن الحارث الأشعري به.
ورواه الحاكم من طريق مروان بن محمد الطاطري، عن معاوية بن سلام،
عن أخیه به. ثم قال: تفرد به مروان الطاطري، عن معاوية بن سلام.
قلت: ولیس كما قال. ورواه الطبراني عن محمد بن عبدة، عن أبي
توبة الربیع بن نافع، عن معاوية بن سلام، عن أبي سلام، عن الحارث
الأشعري، فذكر نحوه فسقط ذكر زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن
الحارث الأشعري فذكر نحو ھذه الرواية.
ثم روى الحافظ بن عساكر من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي،
عن أبیه، عن الربیع بن أنس، قال: ذكر لنا عن أصحاب رسول الله صلى الله
علیه وسلم فیما سمعوا من علماء بني إسرائیل أن يحیى بن زكريا أرسل
بخمس كلمات وذكر نحو ما تقدم. وقد ذكروا أن يحیى علیه السلام كان
كثیر الانفراد من الناس، إنما كان يأنسإلى البراري ويأكل من ورق
الأشجار ويرد ماء الأنھار ويتغذى بالجراد في بعض الأحیان، ويقول: من أنعم
منك يا يحیى! وروى ابن عساكر أن أبويه خرجا في تطلبه فوجداه عند
بحیرة الأردن فلما اجتمعا به أبكاھما بكاء شديداً لما ھو فیه من العبادة
والخوف من الله عز وجل.
وقال ابن وھب عن مالك، عن حمید بن قیس، عن مجاھد قال: كان
طعام يحیى بن زكريا العشب، وإنه كان لیبكي من خشیة الله حتى لو كان
القار على عینیه لخرقه.
وقال محمد بن يحیى الذھلي: حدثنا اللیث، حدثني عقیل، عن ابن
شھاب، قال: جلست يوماً إلى إدريسالخولاني وھو يقص فقال: ألا
أخبركم بمن كان أطیب الناس طعاماً؟ فلما رأى الناس قد نظروا إلیه قال:
إن يحیى بن زكريا كان أطیب الناس طعاماً؟ إنما كان يأكل مع الوحش
كراھة أن يخالط الناس في معايشھم.
وقال ابن المبارك عن وھیب بن الورد: قال: فقد زكريا ابنه يحیى ثلاثة
أيام فخرج يلتمسه في البرية فإذا ھو قد احتفر قبراً وأقام فیه يبكي على
نفسه، فقال يا بني أنا أطلبك من ثلاثة أيام وأنت في قبر قد احتفرته قائم
تبكي فیه؟ فقال: يا أبت ألست أنت أخبرتني أن بین الجنة والنار مفازة لا
تقطع إلا بدموع البكائین. فقال له: ابك يا بني. فبكیا جمیعاً.
وھكذا حكاه وھب بن منبه ومجاھد بنحوه.
وروى ابن عساكر عنه أنه قال: إن أھل الجنة لا ينامون للذة ما ھم
فیه من النعیم، فكذا ينبغي للصديقین أن لا يناموا لما في قلوبھم من نعیم
المحبة لله عز وجل ثم قال: كم بین النعیمین وكم بینھما.
وذكروا أنه كان كثیر البكاء حتى أثر البكاء في خديه من كثرة دموعه.
بیان سبب قتل يحیى علیه السلام
وذكروا في قتله أسباباً من أشھرھا أن بعض ملوك ذلك الزمان
بدمشق كان يريد أن يتزوج ببعض محارمه أو من لا يحل له تزويجھا، فنھاه
يحیى علیه السلام عن ذلك فبقي في نفسه منه فلما كان بینھما وبین
الملك ما يحب منھا إستوھبت منه دم يحیى، فوھبه لھا فبعثت إلیه من
قتله وجاء برأسه ودمه في طست الى عندھا فیقال انھا ھلكت من فورھا
وساعتھا.
و قیل: بل أحبته امرأة ذلك الملك وراسلته فأبى علیھا، فلما يئست
منه تحیلت في أن إستوھبته من الملك، فتمنع علیھا الملك ثم أجابھا إلى
ذلك فبعث من قتله وأحضر إلیھا رأسه ودمه في طست.
وقد ورد معناه في حديث رواه إسحاق بن بشر في كتابه المبتدأ حیث
قال: أنبأنا يعقوب الكوفي، عن عمرو بن میمون، عن أبیه، عن ابن عباس،
أن رسول الله صلى الله علیه وسلم لیلة أسري به رأى زكريا في السماء
فسلم علیه وقال له: يا أبا يحیى خبرني عن قتلك كیف كان ولم قتلك بنو
إسرائیل؟ قال: يا محمد أخبرك أن يحیى كان خیر أھل زمانه، وكان
أجملھم وأصبحھم وجھاً، وكان كما قال الله تعالى: {وَسَیِّداً وَحَصُوراً} وكان
لا يحتاج إلى النساء فھويته امرأة ملك بني إسرائیل، وكانت بغیة،
فأرسلت إلیه وعصمه الله وامتنع يحیى وأبى علیھا فأجمعت على قتل
يحیى ولھم عید يجتمعون في كل عام، وكانت سنة الملك أن يعَد ولا
يخلف ولا يكذب.
قال: فخرج الملك إلى العید فقامت امرأته فشیعته، وكان بھا معجباً
ولم تكن تفعله فیما مضى، فلما أن شیعته قال الملك: سلیني فما
سألتني شیئاً إلا أعطیتك. قالت: أريد دم يحیى بن زكريا. قال لھا: سلیني
غیره. قالت: ھو ذاك قال: ھو لك. قال فبعثت جلاوزتھا إلى يحیى وھو في
محرابه يصلي وأنا إلى جانبه أصلي، قال: فذبح في طست وحمل رأسه
ودمه إلیھا. قال: فقال رسول الله صلى الله علیه وسلم: فما بلغَ من صبرك
قال: ما انفلتُّ من صلاتي.
قال: فلما حُمل رأسه إلیھا فوضع بین يديھا فلما أمسوا خسف الله
بالملك وأھل بیته وحشمه، فلما أصبحوا قالت بنو إسرائیل: لقد غضب إله
زكريا، لزكريا فتعالوا حتى نغضب لملكنا فنقتل زكريا. قال: فخرجوا في
طلبي لیقتلوني وجاءني النذير، فھربت منھم وإبلیسأمامھم يدلھم عليَّ،
فلما تخوفت أن لا أعجزھم عرضت لي شجرة فنادتني وقالت إليَّ إليَّ.
وانصدعت لي ودخلت فیھا.
قال: وجاء إبلیس حتى أخذ بطرف ردائي والتأمت الشجرة وبقي طرف
ردائي خارجاً من الشجرة، وجاءت بنو إسرائیل فقال إبلیس: أما رأيتموه
دخل ھذه الشجرة، ھذا طرف ردائه دخلھا بسحره. فقالوا: نحرق ھذه
الشجرة. فقال إبلیس شقوه بالمنشار شقاً. قال: فشققت مع الشجرة
بالمنشار.
قال له النبي صلى الله علیه وسلم: ھل وجدت له مساً أو وجعاً؟ قال:
لا إنما وجدت ذلك الشجرة التي جعل الله روحي فیھا.
ھذا سیاق غريب جداً وحديث عجیب ورفعه منكر، وفیه ما ينكر على
كل حال، ولم ير في شيء من أحاديث الإسراء ذكر زكريا علیه السلام إلا
في ھذا الحديث، وإنما المحفوظ في بعض ألفاظ الصحیح في حديث
الإسراء: فمررت بابني الخالة يحیى وعیسى وھما ابنا الخالة فجاء على
قول الجمھور كما ھو ظاھر الحديث، فإن أم يحیى "أشیاع" بنت عمران
أخت مريم بنت عمران. وقیل بل "أشیاع" وھي امرأة زكريا، أم يحیى ھي
أخت حنة امرأة عمران أم مريم، فیكون يحیى ابن خالة مريم فالله أعلم.
ثم اختلف في مقتل يحیى بن زكريا ھل كان في المسجد الأقصى أم
بغیره على قولین: فقال الثوري عن الأعمش عن شمر بن عطیة قال: قُتل
على الصخرة التي ببیت المقدس سبعون نبیاً، منھم يحیى بن زكريا علیه
السلام.
وقال أبو عبیدة القاسم بن سلام: حدثنا عبد الله بن صالح، عن اللیث،
عن يحیى بن سعید، عن سعید بن المسیب قال: قدم بختنصر دمشق
فإذا ھو بدم يحیى بن زكريا يغلي، فسأل عنه فأخبروه، فقتل على دمه
سبعین ألفاً فسكن. وھذا إسناد صحیح إلى سعید بن المسیب وھو
يقتضي أنه قتل بدمشق وأن قصة بختنصر كانت بعد المسیح كما قاله
عطاء والحسن البصري. فالله أعلم.
وروى الحافظ بن عساكر من طريق الولید بن مسلم، عن زيد بن واقد،
قال: رأيت رأس يحیى بن زكريا حین أرادوا بناء مسجد دمشق أُخرج من
تحت ركن من أركان القبلة الذي يلي المحراب مما يلي الشرق، فكانت
البشرة والشعر على حاله لم يتغیر. وفي رواية: كأنما قتل الساعة.
وذكر في بناء مسجد دمشق أنه جعل تحت العمود المرفوع بعمود
السكاسكة. فالله أعلم. وقد روى الحافظ بن عساكر في المستقصي في
فضائل الأقصى، من طريق العباس بن صبح، عن مروان، عن سعید بن عبد
العزيز، عن قاسم مولى معاوية، قال: كان ملك ھذه المدينة يعني دمشق
ھداد بن ھدار، وكان قد زوج ابنه بابنة أخیه أريل ملكة صیدا، وقد كان من
جملة أملاكھا سوق الملوك بدمشق وھو الصاغة العتیقة، قال: وكان في
حلف بطلاقھا ثلاثاً. ثم إنه أراد مراجعتھا فاستفتى يحیى بن زكريا فقال لا
تحل لك حتى تنكح زوجاً غیرك، فحقدت علیه وسألت من الملك رأس
يحیى بن زكريا، وذلك بإشارة أمھا، فأبى علیھا ثم أجابھا إلى ذلك وبعث
إلیه وھو قائم يصلي بمسجد جبرون من أتاه برأسه في صینیة، فجعل
الرأس يقول له: لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غیره - فأخذت المرأة الطبق
فحملته على رأسھا وأتت به أمھا وھو يقول كذلك، فلما تمثلت بین يدي
أمھا خسف بھا إلى قدمیھا ثم إلى حقويھا، وجعلت أمھا تولول والجواري
يصرخن ويلطمن وجوھھن، ثم خسف بھا إلى منكبیھا فأمرت أمھا السیاف
أن يضرب عنقھا لتتسلى برأسھا، ففعل فلفظت الأرض جثتھا عند ذلك،
ووقعوا في الذل والفناء ولم يزل دم يحیى يفور حتى قَدِم بختنصر فقتل
علیه خمسة وسبعین ألفاً.
قال سعید بن عبد العزيز: وھي دم كل نبي. ولم يزل يفور حتى وقف
عنده أرمیا علیه السلام فقال: أيھا الدم أفنیت بني إسرائیل فاسكن بإذن
الله. فسكن فرفع السیف وھرب من ھرب من أھل دمشق إلى بیت
المقدس فتبعھم إلیھا فقتل خلقاً كثیراً لا يحصون كثرةً وسبا منھم ثم رجع
عنھم.

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

للمشاركة انت بحاجه الى تسجيل الدخول او التسجيل

يجب ان تعرف نفسك بتسجيل الدخول او بالاشتراك معنا للمشاركة

التسجيل

انضم الينا لن يستغرق منك الا ثوانى معدودة!


أنشئ حساب جديد

تسجيل الدخول

ليس لديك عضويه ؟ بضع ثوانى فقط لتسجيل حساب


تسجيل الدخول

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى